للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما حجُّ الأجنبيَّ عن الأجنبيِ فلم يأت ما يدلُّ على ذلك، فإنّ حديث (١) ابن عباس عند أبي داود (٢)، وابن ماجه (٣)، وابن حِبَّان (٤)، وصححه، والبيهقيُّ (٥) وقال: إسناده صحيحٌ، أنَّ النبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ سمع رجلاً يقول: لبيك عن شِبْرِمَةَ، قال: "مَنْ شِبْرِمَةُ؟ " قال: أخٌ لي، أو قريبٌ لي، قال: "حججتَ عن نفسك؟ " قال: لا، قال: "حُجَّ عن نفسك، ثم حُجَّ عن شبرمة".

ولفظُ ابن ماجه: "فاجعل هذه عن نفسك، ثم احْجُجْ عن شبرمةَ"، ولفظ الدارقطنيِّ (٦) قال: "هذه عنك، وحُجَّ عن شبرمةَ" فيه التصريح بما يفيد القرابة بينهما، وقد أُعِلَّ الحديث بأنه موقوفٌ (٧)، وليس ذلك بعلَّة، لأنّ الرفعَ زيادةٌ يتعيّنُ قبولُها على ما ذهب إليه أهلُ الأصول، وبعضُ أهل الحديث، وهو الحقُّ إذا جاءت الزيادةُ (٨) من طريق ثقةٍ، وهي هاهنا كذلك؛ فإن الذي رفع الحديثَ عبده بنُ سليمانَ، وهو ثقةٌ من رجال الصحيح، وقد تابعه على ذلك محمدُ بن بشرٍ، ومحمد بن عُبَيْد الله الأنصاريّ.

وقد اختلف أئمة الحديث في ترجح الرفع على الوقف، أو العكس (٩)، فرجَّح الأول عبدُ الحقِّ، وابنُ القطَّان، ورجَّحَ الثاني ......................


(١) وهو حديث صحيح تقدم تخريجه.
(٢) في "السنن" رقم (١٨١١).
(٣) في "السنن" (رقم ٢٩٠٣).
(٤) في صحيحه رقم (٣٩٨٨).
(٥) في "السنن الكبرى" (٤/ ٣٣٦)، (٥/ ١٧٩ - ١٨٠).
(٦) في "السنن" (٢/ ٢٧٠، ٢٧١).
(٧) قال الزيلعي في "نصب الراية" (٣/ ١٥٥): عن ابن القطان في كتابه أنّه قال: وحديث شبرمة علَّله بعضهم بأنّه قد روي موقوفًا والذي أسنده ثقة فلا يضره.
(٨) ذكره البيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ٣٣٦).
وانظر: "تلخيص الحبير" (٢/ ٤٢٦ - ٤٢٧).
(٩) انظر: "تلخيص الحبير" (٢/ ٤٢٦).