للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكم العدم. وقد تقرر أن الحمد هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري لقصد التعظيم، فلا ثناء إلا عليه، ولا جميل إلا منه، ولا تعظيم إلا له، وفي هذا من إخلاص التوحيد ما ليس عليه مزيد. ومن ذلك قوله:} مالك يوم الدين {(١) أو (ملك يوم الدين) على القراءتين السبعيتين (٢)، فإن كونه المالك ليوم الدين يفيد أنه لا ملك لغيره فلا ينفذ إلا تصرفه لا تصرف أحد من خلقه من غير فرق بين نبي مرسل، وملك مقرب، وعبد صالح [٥٢]، وهكذا معنى كونه} ملك يوم الدين {، فإنه يفيد أن الأمر أمره، والحكم حكمه ليس لغيره معه أمر ولا حكم، كما أنه ليس لغير ملوك الأرض معهم أمر ولا حكم، ولله المثل الأعلى. وقد فسر الله هذا المعنى الإضافي المذكور في فاتحة الكتاب في موضع آخر من كتابه العزيز فقال:} وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله {(٣) ومن كان يفهم كلام العرب ونكتة وأسراره كفته هذه الآية عن غيرها من الأدلة، واندفعت لديه كل شبهة، ومن ذلك قوله:} إياك نعبد {(٤) فإن تقدم الضمير قد صرح به أئمة المعاني والبيان، وأئمة التفسير أنه يفيد الاختصاص، فالعبادة لله -سبحانه- لا يشاركه فيها غيره، ولا يستحقها سواه، وقد عرفت أن الاستغاثة، والدعاء،


(١) [الفاتحة:٤].
(٢) قرأ عاصم والكسائي بالألف أي (مالك يوم الدين) وقرأ الباقون بغير الألف (ملك يوم الدين) وذكر الليث بن خالد أبو الحارث البغدادي وهو من جلة أصحاب الكسائي عن الكسائي أنه خير في ذلك.
الكشف عن وجوه القراءات السبع (١/ ٢٥) مكي بن أبي طالب القيسي، وانظر زاد المسير (١/ ١٠ - ١٥).
(٣) [الانفطار:١٧ - ١٩].
(٤) [الفاتحة:٥].