للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

أحمدُك لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيتَ على نفسك، وأصلي وأسلم على رسولك وآل رسولكَ.

وبعدُ:

فهذا بحثٌ تمسُّ الحاجةُ إليه، ويكثرُ اللَّبْسُ فيه، لا سيَّما على المتصدِّرين للقضاء والفُتْيَا فيما يفعلُه الإنسان لبعض أولاده من هبةٍ، أو تمليكٍ، أو نَذْرٍ في حال صحته، وجوازِ تصرُّفه، ويظهرُ الانسلاخُ عنه، والتنفيذُ له، فهذا قد يعتقد كثيرٌ من الناس أنه نافذٌ لا يتطرَّق إلى اختلافله متطرِّقٌ، ولا يطرقُهُ من الموانع طارقٌ، بل ربَّما يعتقدُ الغالبُ منا لناس أنَّ هذا متفقٌ عليه بين أهل العلم، وأنَّ القائل بخلافه خارجٌ عن القوانين الشرعية، والرسوم المرضية.

وأقولُ: قد ثبت عن رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ من طرق يصعبُ حصرُها، حتى صارَ أصلُ هذا الحديث متواترًا تواتُرًا معنويًّا (١) مُتَلَقَّى بالقبول عند جميع طوائف الإسلام أنَّ امرأة بشيرٍ قالتْ لزوجها: انحلْ ابني غلامًا وأشهدْ رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ، فأتى النبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ فقال: إن ابنةَ فلان سألتني أن أنْحَلَ ابنَها غلامي، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: "له إخوةٌ؟ " قال: نعم. قال: "فكلُّهم أعطيت مثلَ ما أعطيتَه؟ " قال: لا. قال: "فليس يصحُّ هذا"، أو "إني لا أشهدُ إلاَّ على حقّ" ............................


(١) المتواتر المعنوي: هو ما اختلف في لفظه ومعناه مع رجوعه لمعنى كليِّ. وذلك بأن يخبروا عن وقائع مختلفة تشترك كلها في أمر واحد فالأمر المشترك المتفق عليه بين الكل هو المتواتر فنمه أحاديث رفع اليدين في الدعاء، فقد روي عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحو مئة حديث في رفع يديه في الدعاء لكنها في قضايا مختلفة، فكل قضية منها لم تتواتر، والقدر المشترك فيها وهو الرفع عند الدعاء تواتر باعتبار المجموع.
انظر: "المسودة" (ص٢٣٣).