(٢) اختلفت أقوال العلماء وعباراتهم ولم يتفقوا على أمرٍ واحدٍ. تقدم ذكر بعضها: ومنها قال في "الدر المختار": ويحرم أكل البنج والحشيشة هي ورق القنب والأفيون لأنّه مفسد للعقل. وقال آخر: البنج بالفتح نبات يسمى شيكران يصدع ويسبت ويخلط العقل كما في التذكرة للشيخ داود، والمسبت الذي لا يتحرك. وذهبت أئمة الحنفية إلى أن ما أسكر كثيره حرم قليله وهو في المائعات دون الجامعات، وهكذا في غيره من الأشياء الجامعة المضرة في العقل أو غيره يحرم تناول القدر المضر منها دون القليل النافع لأن حرمتها ليست لعينها بل لضررها فيحرم عندهم استعمال القدر المسكر من الجامدات دون القليل منها. وقال القزويني: الزعفران الزائد على الدرهم سم قاتل. وقال الزركشي: إن هذه الأشياء لا تحرم إلا لمضرتها العقل ودخولها في المفتر المنهي عنه. وقال الأدبيلي: إن الجوز الهندي والزعفران ونحوهما يحرم الكثير منه لإضراره لا لكونه مسكرًا. - قال الشيخ ابن حجر المكي في "الزواجر" (١/ ٤٩١) الكبيرة السبعون بعد المائة آكل المسكر الطاهر كالحشيشة والأفيون والشيكران بفتح الشين المعجمة وهو البنج وكالعنبر والزعفران وجوزة الطيب. فهذه كلها مسكرة كما رح به النووي في بعضها وغيره في باقيها ومرادهم بالإسكار هنا تغطية العقل لا مع الشدة المطربة لأنها من خصوصيات المسكر المائع، وبما قررته في معنى الإسكار في هذه المذكورات علم أنَّه لا ينافي أنها تسمى مخذرة وإذا ثبت أن هذه كلها مسكرة أو مخدرة فاستعمالها كبيرة وفسق كالخمر فكل ما جاء في وعيد شاربها يأتي في مستعمل شيء من هذه المذكورات لاشتراكهما في إزالة العقل المقصود للشارع بقاؤه لأنّه الآلة للفهم عن الله تعالى وعن رسوله المتميز به الإنسان عن الحيوان والوسيلة إلى إيثار الكمالات عن النقائص فكان فيتعاطي ما يزيله وعيد الخمر.