للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمنه" (١) فإنه قال بعض أهل العلم: إنه يلزم من الأخذ بظاهر هذا الحديث تحريم بيع الحمُر الأهلية وغير [ها] (٢) مما يصلُح لحلال وحرام.

ويُجاب بأن الحمر الأهلية إذا باعها البائع إلى من يأكلها كان البيعُ محرمًا مع القصد لما سلف من أن وسيلة الحرام حرامٌ وإن باعها إلى من لا يأكُلها أو مع عدم القصد [فلا وجه] (٣) للتحريم، وهكذا كل ما كان من هذا القبيل.

وقال ابن القيم (٤): إنه يراد بحديث ابن عباس المذكور أمران: أحدُهما ما هو حرامُ العين والانتفاع جملة كالخمر والميتة والدم والخنزير وآلات الشرك (٥)، فهذه ثمنُها حرامٌ كيفما اتفقت. والثاني ما يباح الانتفاع به في غير الأكل وإنما يحرم أكله كجلد الميتة بعد الدباغ وكالحمر الأهلية والبغال ونحوِهما مما يحرم أكلُه دون الانتفاع به، فهذا قد يقال: [إنه] (٦) لا يدخل في الحديث وإنما يدخل فيه ما هو حرامٌ على الإطلاق، والصواب ما ذكرنا من التفصيل، فإن هذه الأمور يحرُم بيعها إذا بيعت لأجل المنفعة المحرمة، كما إذا بيع [الحمار والبغلُ لأكلهما وقد قيل إن بيعَ] (٧) الشيء الذي يحرم في بعض الأحوال إلى من ينتفع به في ذلك الأمر المحرم مع القصد حرامٌ بالإجماع. ومما يؤيد تحريم بيع الشيء الذي يُنتفع به في الأمور الجائزة في الغالب إلى من يستعمله فيما لا يجوز ما أخرجه البيهقي (٨) والبزّار (٩) عن عِمران بن حصين مرفوعًا في النهي عن بيع السلاح في الفتنة.


(١) أخرجه أحمد (٣/ ٣٧٠) وأبو داود رقم (٣٤٨٨) من حديث ابن عباس وهو حديث صحيح.
(٢) زيادة من (أ).
(٣) زيادة من (ب).
(٤) انظر "زاد المعاد" (٥/ ٦٧٤ - ٦٧٥)
(٥) قال ابن القيم في "زاد المعاد" (٥/ ٦٧٥) أما تحريم بيع الأصنام فيستفاد منه تحريم بيع كل آلة متخذة للشرك علىأي وجه كانت، ومن أي نوع كانت صنمًا أو وثنًا أو صليبًا، وكذلك الكتب المشتملة على الشرك وعبادة غير الله فهذه كلها يجب إزالتها وإعدامها.
(٦) زيادة من (أ).
(٧) زيادة من (ب).
(٨) في "السنن الكبرى" (٥/ ٣٢٧).
(٩) في مسنده (٤/ ١١٧ رقم ٣٣٣٣ ـ كشف).