للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تبيعوا القينات والمغنيّات ولا تشتروهن ولا تُعلموهن ولا خير في تجارة فيهن، وثمنُهن حرام" ومن المعلوم أن منفعة القينات لم تنحصر في الحرام ولكن لما كان الغالب الانتفاع بهن في الحرام جعل الشارع حكمهن ٥ث تحبثما فقثع حكم ما لا يُنتفع به في غير الحرام تنزيلاً للأكثر منزلة الكُلّ، ومن هذا القبيل البنجُ الجوز الهندي وما شابهما.

ومن أدلة الصورة الثالثة ما أخرجه الطبرانيّ في الأوسط (١) بإسناد حسّنه الحافظُ ابن حجر (٢) من حديث عبد الله بن بُريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: "من حبس العنب أيام القطاف حتى يبعه ممن يتخذه خمرًا فقد تقحّم النار على بصيرة" ولا شك أن العنبَ في الغالب يُنتفع به في الأمور الجائزة ولكنه لما كان القصدُ بيعه إلى من يستعمله في أمر محرم كان بيعُه محرمًا، لأن وسيلة الحرام حرامٌ [١٠]، وأما ما عدم القصد فلا تحريم، ومن هذا الزعفران فمن باعه إلى من يستعمله في أمر جائز، أو مع عدم القصد فلا تحريم، ومن هذا الزعفران فمن باعه إلى من يستعمله في أمر جائز، أو مع عدم القصد فبيعه حلال، ومن باعه إلى من يستعمله في أمر غير جائز نحو أن يبيعه إلى من يعلم أنه يأكل منه مقدارًا يحصل به التفتير أو الإضرار بالبدن قاصدًا للبيع إلى من كان كذلك فبيعُه غير جائز، وإذا تقرر هذا التفصيل ارتفع ما يرد من الإشكالات على حديث ابن عباس عند الحاكم والبيهقيّ بإسناد صحيح أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال: "إن الله إذا حرم [على قوم أكل] (٣) شيء حرّم .......................


(١) رقم (٥٣٥٦) وأورده الهيثمي في "المجمع" (٤/ ٩٠) وقال: فيه عبد الكريم بن عبد الكريم، قال أبو حاتم: حديثه يدل على الكذب.
(٢) في "بلوغ المرام" (رقم ٨٣٧).
وهو حديث باطل. انظر الضعيفة رقم (١٢٦٩).
(٣) زيادة من مصدر الحديث.