للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسكرًا وكذلك القريط وهو الأفيون. انتهى.

[(حكمُ القات عند المؤلِّف وتفنيده لما قال ابنُ حجر فيه)]

[قال]: وأما القاتُ فقد أكلتُ منه أنواعًا مختلفةً وأكثرتُ منها فلم أجد لذلك أثرًا في تفتير ولا تخديرٍ ولا تغيير، وقد وقعتْ فيه أبحاثُ طويلة بين جماعةٍ من علماء اليمن عند أول ظهورِه، وبلغتْ تلك المذاكرةُ إلى علماء مكة، وكتب ابن حجرٍ الهيثمي في ذلك رسالةً طويلة سماها (تحذير الثقات من أكل الكفتة والقات)، ووقفتُ عليها في أيام سابقةٍ فوجدته تكلم فيها بكلام من لا يعرف ماهية القات.

وبالجملة أنه إذا كان بعض أنواعه تبلُغ إلى حد السكر أو التفتير من الأنواع التي لا نعرفها توجّه الحكمُ بتحريم ذلك النوع بخصوصه، وهكذا إذا كان يضُرّ بعضَ الطباع من دون إسكار وتفتير حرُم لإضراره وإلا فالأصلُ الحِلُّ كما يدل على ذلك عمومات القرآن والسنة.

وأما قولُكم: وهل يجوز بيعه، فالظاهرُ من الأدلة تحريمُ بيع كلّ شيء انحصرتْ نفعتهُ في محرم لا يُقصد به إلا ذلك المحرّم، أو لم ينحصِرْ ولكنه كان الغالبُ الانتفاع به في محرم، أو لم يكن الغالبَ ذلك، ولكنه وقع البيعُ لقصد الانتفاع به في أمر محرم، فما كان على أحد هذه الثلاث الصور كان بيعه محرمًا، وما كان خارجًا عنها كان بيعه حلالاً.

ومن أدلة الصورة الأولى أحاديث النهي (١) عن بيع الخمر والميتة والخنزير، لأن هذه الأمور لا يُنتفع بها إلا في محرم، ولا يُتصوّر الانتفاع بها في أمر حلال، ومن هذا القبيل الحشيشة فإن منفعتها منحصرةٌ في الحرام.

ومن أدلة الصورة الثانية ما أخرجه الترمذي (٢) من حديث أبي أمامة أن رسول الله


(١) انظر الرسالة رقم (١١٠، ١١٤).
(٢) في "السنن" رقم (١٢٨٢) وقال: حديث أبي أمامة، إنما نعرِفُهُ مِثْلَ هذا مِنْ هذا الوجه، وقد تكلم بعض أهل العلم في علي بن يزيد وضعفه وهو شامي.
وأخرجه ابن ماجه رقم (٢١٦٨). وهو حديث حسن.