للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنقها وهو مسمى قلادة أو سلسلة، وبين ما تضعه على عنقها أيضًا وهو يسمى باسم غير ذلك، وهكذا لا فرق بين ما تضعه في أذنها، وهو يسمى خرصًا أو قرطًا، وبين ما تضعه في أذنها أيضًا وهو يسمى باسم غير ذلك.

الوجه الثاني: أن مواضع الحلية من المرأة هي اليدان، والعنق، والأذن، ولا حكم للناذر من وضع الحلية في غير هذه المواضع. وقد صرح - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بالمنع من الحلية المختصة بكل موضع من هذه المواضع، فمنع السوارين والفتخ في حلية الأيدي، والقلادة والطوق والسلسلة في حلية العنق، والخرص والقرط في حلية الأذن. وبعد هذا كله فحديث أخت حذيفة المتقدم مصرح بمنع الحلية على العموم، فإنه بلفظ: ليس منكن امرأة تتحلى ذهبًا تظهره إلا عذبت به [٧ب].

فتقرر بهذا عدم إمكان الجمع بما ذكر، فلم يبق إلا القول بالنسخ، أو الجمع بالتأويل المقبول، أو هو كونه لمن لا يؤدي الزكاة كما قدمنا، أو المصير إلى التعارض والترجيح لأحاديث (١) الحل بما قدمنا.


(١) قال ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " (٢٥/ ٦٤): وأما باب اللباس فإن لباس الذهب والفضة يباح للنساء بالاتفاق، ويباح للرجل ما يحتاج إليه من ذلك، ويباح يسير الفضة للزينة، وكذلك يسير الذهب التابع لغيره كالطرز ونحوه في أصح القولين من مذهب أحمد وغيره. . . ".
قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم (١٤/ ٣٢): وأما النساء فيباح لهن لبس الحرير، وجميع أنواعه، وخواتيم الذهب، وسائر الحلي منه ومن الفضة، وسواء المزوجة وغيرها والشابة والعجوز والغنية والفقيرة. واستدل بحديث: " هذين - الذهب والحرير - حرام على ذكور أمتي حلال لإناثها ".
قال ابن قدامة في " المغني " (٢/ ٦٠٧ - الشرح الكبير): ويباح للنساء من حلي الذهب والفضة والجواهر كل ما جرت عادتهن بلبسه مثل السوار والخلخال والقرط والخاتم، وما يلبسنه على وجوههن وفي أعناقهن وأيديهن وأرجلهن وآذانهن وغيره. . . ".
وقال ابن حجر في " الفتح " (١٠/ ٣١٧) في أثناء شرح الحديث رقم (٥٨٦٣) عن البراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال: نهانا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن سبع نهى عن خاتم الذهب أو قال: حلقة الذهب، وعن الحرير والإستبرق، والديباج، والميثرة الحمراء، والقسي، وآنية الفضة. . . ".
قال ابن دقيق العيد: إخبار الصحابي عن الأمر والنهي على ثلاث مراتب:
الأولى: أن يأتي بالصيغة كقوله: افعلوا أو لا تفعلوا.
الثانية: قوله: أمرنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكذا ونهانا عن كذا، وهو كالمرتبة الأولى في العمل به أمرًا ونهيًا. وإنما نزل عنها الاحتمال أن يكون ظن ما ليس بأمر أمرًا، إلا أن هذا الاحتمال مرجوح للعلم بعدالته ومعرفته بمدلولات الألفاظ لغة.
الثالثة: أمرنا ونهينا على البناء للمجهول، وهي كالثانية، وإنما نزلت عنها لاحتمال أن يكون الآمر غير النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وإذا تقرر هذا فالنهي عن خاتم الذهب أو التختم به مختص بالرجال دون النساء، فقد نقل الإجماع على إباحته للنساء.
وقال ابن حجر في " الفتح " (١٠/ ٣٣٠) باب الخاتم للنساء، وكان على عائشة خواتيم الذهب. ثم ذكر الحديث رقم (٥٨٨٠) عن ابن جريح: " فأتى النساء فأمرهن بالصدقة، فجعلن يلقين الفتخ والخواتيم في ثوب بلال ".
ونقل قول ابن بطال: الخاتم للنساء من جملة الحلي الذي أبيح لهن.
انظر: " المحلى " (١٠/ ٨٣).