للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللوازم اللازمة لمن لم يوجب الإجابة إلى الشريعة بعد موته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لأن التزام ذلك طي لبساط الشريعة المطهرة كما قدمنا، وهو مع كونه خلاف الإجماع القطعي هو أيضًا خلاف [٨أ] الضرورة الدينية كما سبق تقريره، ولم يبق النزاع إلا في كون الحكم المذكور في الآيتين منسوبًا إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - والجواب عن ذلك من وجوه:

الأول: ما قدمنا من أن الدعاء إليه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - هو للحكم منه بالشريعة المطهرة لا لأمر يخصه.

الثاني: ما قدمنا من الإجماع القطعي على وجوب إجابة الداعي إلى الشريعة بعد موته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -. ومن زعم أنه قد خالف في ذلك مخالف فليأتنا به، فإنا قد صححنا إجماع المسلمين في كل قطر وعصر على أن التعبد بالشريعة باق بعد عصر النبوة كما كان قبلها، وهذا الفرد المتنازع فيه الذي هو الإجابة إلى الشريعة داخل في ذلك، ومن زعم أنه خارج فعليه البيان، لا سيما وهو يفضي إلى بطلان التعبد بغيره من مسائل الشريعة؛ لعدم الفرق، ففرديته إنما هي باعتبار كونه قد تعلق به النزاع، لا من حيث ذاته، فإنه إن لم يصح وصف كل حكم من الأحكام الشرعية به، فلا شك أنه يصح وصف أكثرها به. وبيانه أن الاختلاف في مسائل العبادات قد يتسبب عنه وقوع الدعوة من أحد المختلفين للآخر إلى عالم من علماء الإسلام؛ ليبين لهما الحق مما اختلفا فيه، كما يدعو أحد الخصمين الآخر في مسألة من مسائل المعاملات إلى حاكم يحكم بينهما في ما اختصما فيه، فتندرج مسائل العبادات على اختلاف أنواعها من هذه الحيثية تحت قوله تعالى: {إنما كان قول المؤمنين. . .} (١) الآية. وتحت قوله تعالى: {فلا وربك. . .} (٢).


(١) [النور: ٥١].
(٢) [النساء: ٦٥].