للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإجابة إلى غير رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فالدلالة إذًا إنما يكون على وجوب الإجابة إلى الحاكم بحكم الله تعالى في تلك الحادثة التي تشاجر فيها الغرماء، وحكم الله تعالى في تلك الحادثة مظنون كل مجتهد والتعيين بحكم، والاجتهاد في استنباط حكم الله تعالى في تلك الحادثة ليس مما يختص به بعض العلماء دون بعض [١١ب]؛ إذ العمدة في ذلك على حصول شروط الاجتهاد في المتأهل لذلك وشروطه هينة على من استعد للتحصيل، ووفقه الله لسلوك ذلك السبيل، وفضل الله غير مقصور ولا محجوز. ولدينا من هو متأهل للنظر، وجامع لكل شرط معتبر. والمراد وجود ما لا بد منه الشروط.

وأما زيادة التفنن والتضلع من العلوم العقلية والنقلية، وبلوغ غايات الكمال في تحقيق المعارف الأصلية والفرعية فنحن لا ننكر أن لكم فيها النصيب الأعلى والقدح المعلا، ولكن المفضول في الاجتهاد حكمه صحيح كالفاضل فيه، إذ المراد استفراغ الوسع لطلب ظن بالحكم. وأما اليقين فهو عند الله تعالى، والأحكام التي يجوزها حكامنا لا نمنع من المراجعة فيها لمن اطلع على خلل، وتنبيه الحاكم على ما وهم فيه فذلك أمر مطلوب من كل متأهل للنظر، وإنما نمنع تكليف الغرماء للرحيل من جهة إلى جهة أخرى مع وجود الحكام بتلك الجهة، والمتصدين لإقامة الشرع الشريف، وإنصاف المظلوم من الظالم.

أقول: هذا الكلام إنما يرد على من قال بوجوب الإجابة إلى حاكم يحكم بحكم الله - سبحانه - في غير جهة الخصمين، مع وجود من يحكم بحكم الله في جهة الخصمين، مع كون كل واحد من الحاكمين عالمًا بكتاب الله وبسنة رسوله، وبما يتوصل به إلى معرفتهما، قادرًا على استخراج الحكم منهما عند حدوث الحادثة، متمكنًا من الجمع بين المتعارضات عند الإمكان، والترجيح عند عدمه. ولم يتقدم مني ما يدل على هذا لا بمطابقة، ولا تضمن، ولا التزام، بل حاصل ما أجبت به عن سؤالكم - دامت إفادتكم - أن الواجب الإجابة إلى حاكم يحكم بحكم الله من الحكام المجتهدين، فإن كان في جهة المتخاصمين من هو كذلك فلا يجاب الداعي إلى غيره، لأن ذلك مجرد إتعاب،