قال الشوكاني في " إرشاد الفحول " (ص٨٥١): فهذا الحديث يفيدك أن الحق واحد وأن بعض المجتهدين يوافقه فيقال له مصيب ويستحق أجرين، وبعض المجتهدين يخالفه ويقال له مخطئ. واستحقاقه الأجر لا يستلزم كونه مصيبًا، وإطلاق اسم الخطأ عليه لا يستلزم أن لا يكون له أجر، فمن قال: إن كل مجتهد مصيب، وجعل الحق متعددًا بتعدد المجتهدين فقد أخطأ خطأ بينًا وخالف الصواب مخالفة ظاهرة، فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعل المجتهدين قسمين قسمًا مصيبًا وقسمًا مخطئًا، ولو كان كل واحد منهم مصيبًا لم يكن لهذا التقسيم معنى. وهكذا من قال إن الحق واحد ومخالفه آثم فإن هذا الحديث يرد عليه ردًا بينًا ويدفعه دفعًا ظاهرًا؛ لأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سمى من لم يوافق الحق في اجتهاده مخطئًا ورتب على ذلك استحقاقه للأجر. فالحق الذي لا شك فيه ولا شبهة أن الحق واحد ومخالفه مخطئ مأجور إذا كان قد وفى الاجتهاد حقه ولم يقصر في البحث بعد إحرازه لما يكون به مجتهدًا. انظر " الفقيه والمتفقه " (٢/ ٦٠)، " مجموع الفتاوى " (١٩/ ١٢٤).