للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمشاغبة، والدعاوي الباطلة، الخارجة عن الضرورة، المخالفة للعقل والحس، وما أشبه الفرقة القائلة بأن المجتهد مصيب من الإصابة بها، والفرقة الثانية: العنادية (١)، والفرقة الثالثة: الأدرية (٢)، ومقالات هذه الطوائف الثلاث مبنية في كتب الفن الموضوع لبيان هذا، وما يشابهه. وقد قال كثير من الأئمة أن هؤلاء لا يجاوبون إلا بالضرب، فإنه أقرب إلى اعترافهم بفساد ما هم عليه.

والحاصل أن الكلام على هذه المسألة طويل الذيول، وليس المراد هاهنا إلا الإشارة إلى فساد ما ذكره السائل - عافاه الله - من أن حكم الله هو مظنون كل مجتهد. وقد زعم صاحب ضوء النهار (٣) أن الحق في هذه المسألة التفصيل، وهو أن ما فوض إلى العدلين كجزاء الصيد، والتفريق بين الزوجين، أو الجمع، وتقدير النفقات، وتقويم المتلفات. ولا نزاع في أن كل اجتهاد فيه صواب، وإصابة. وأما غير ذلك من ما فيه على خصوص الحكم دليل ظني. فإن أريد أن كل مجتهد فيه مصيب من الصواب فلا نزاع فيه، وإن أريد أنه مصيب من الإصابة وأن خصمه مصيب من الإصابة فسرف في الغفلة، هكذا قال. وغير خاف عليك أن كلام الأزهار (٤) المشروح بهذا الكلام لا يشمل ما ذكره في القسم الأول، بل هو خاص بالمجتهد في الدليل الظني وهكذا كلام سائر القائلين بأن كل مجتهد مصيب، ومن قال بخلاف قولهم. وأما تقدير النفقات وتقويم المتلفات ونحوهما فليس هو من الاجتهاد الذي هو المراد هنا في شيء، ولم يشترط اجتهاد من يتولى ذلك أحد من أهل العلم، بل يصح أن يكون متوليه مقلدًا بلا خلاف، فخلط البحث بغيره، وإدخال ما هو أجنبي عنه فيه سرف في الغفلة أيضًا.

وقلتم: والاجتهاد في استنباط حكم الله تعالى [١٣أ] ليس مما يختص به بعض العلماء


(١) انظر " مقدمات في الأهواء والافتراق والبدع " (١/ ٤٣ - ٤٦). الدكتور. ناصر بن عبد الكريم العقل \ دار الوطن الرياض ط٢.
(٢) انظر " مقدمات في الأهواء والافتراق والبدع " (١/ ٤٣ - ٤٦). الدكتور. ناصر بن عبد الكريم العقل \ دار الوطن الرياض ط٢.
(٣) (٤/ ٢٢٠٢ - ٢٢٠٣).
(٤) (٣/ ٤٤٨ - مع السيل).