للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لجميعها أخرى.

وأما ما ينسبه أهل الأصول (١) إلى بعض الطرائق الإسلامية من العمل بالأعراف والعادات فينبغي حمله على ما ذكرناه، لأنه يبعد كل البعد أن يقول عالم من علماء الإسلام أن ما اصطلح عليه قوم فيما بينهم بعد عصر النبوة بعصور يكون شرعًا لهم.

وأما الاصطلاح الذي أشار إليه - كثر الله فوائده - فهو مما أرشد إليه القرآن الكريم، والسنة المطهرة، ومما يستحسن تقديمه قبل الحكم في كل خصومة، فذلك من الشرع إذا كان على وجه التراضي، وإلا فليس هو هذا الصلح المشروع، بل هو حكم، فإن خرج مخرج الحكم الشرعي فذاك، وإلا كان مما قدمنا [٢٠أ] الإشارة إليه.


(١) كما قلنا أن العرف ليس بدليل مستقل ولكنه يرجع إلى أدلة الشريعة المعتبرة، كالإجماع، المصلحة المرسلة وسد الذرائع.
ومن أشهر أدلة العرف على الإطلاق:
- قوله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} [الأعراف: ١٩٩].
- حديث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " ما رآه المسلمون حسنا فهو حسن ".
أورده الهيثمي في المجمع (١/ ١٧٧ - ١٧٨) وقال: " رواه أحمد (٢٢/ ١٧٠ - الفتح الرباني) والبزار (١/ ٨١ رقم ١٣٠ كشف) والطبراني في الكبير (٩/ ١١٨ رقم ٨٥٨٢) ورجاله موثقون ".
وأخرجه الطيالسي في " المسند " (ص٣٣ رقم٦٩) وأبو نعيم في " الحلية " (١/ ٣٧٥) وأورده السخاوي في " المقاصد " (٥٨١) وقال عقبة: " وهو موقوف حسن " على عبد الله بن مسعود.
وابن بديع في " تمييز الطيب " (ص١٤٦)، والزرقاني في " مختصر المقاصد " (ص١٦٨) والعجلوني في " كشف الخفاء " (٢/ ٢٤٥).
وأخرجه الحاكم (٣/ ٧٨ - ٧٩) من قوله: " فما رأى المسلمون " وزاد: وقد رأى الصحابة جميعًا أن يستخلفوا أبا بكر - رضي الله عنه - وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
والخلاصة أنه موقوف حسن ولا أصل له في المرفوع.
انظر تفصيل ذلك في " البحر المحيط " (٣/ ٤١)، " الطرق الحكمية " (ص٩٢)، " مدارج السالكين " (٢/ ٣٠٤).
وانظر أدلة المانعين والمجيزين هنا. " أصول مذهب الإمام أحمد " (ص٥٤٠ - ٥٤١).