للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخصوصية بعض البقاع دون بعض، بل لا ندع شيئًا باطلا نقف عليه، وإن كان القاضي الذي حرره في أطراف القطر اليمني، وليس علينا إلا إنكار ما بلغنا، وإبطال ما علمنا بطلانه، ولم يكلفنا الله في علم ما لم نعلمه، ولا إنكار ما لم يبلغ إلينا، وهذا غاية ما يجب علينا. ومع هذا فإني لا أدعي لنفسي ما لا تستحقه، فإني لست بمعصوم عن الخطأ، بل أطلب من غيري إذا وجد كلامًا لي في حكم أو فتيا مخالفًا للشريعة المطهرة أن يصلحه، أو يرشدني إلى إصلاحه، ويفعل معي ما أفعله مع غيري.

وأما ما أشرتم إليه من أنه لا يصح النظر في أسباب الحكم وشرائطه إلا لمجتهد (١)، فهذه الكلية ممنوعة، فإن الذي يحتاج إلى المجتهد إنما هو نفس الحكم وما يترتب عليه ترتبًا قريبًا كما قدمنا تقريره، وأما مثل تحرير ما يتحاور به الخصمان، ومثل رقم ما يقربه كل واحد منهما على نفسه، ومثل النظر لمحل الشجار، ومثل تقويم التالف، وتقدير الباقي، ونحو ذلك من الأمور، فهذا يقوم به العدول الذين يوثق بدينهم وأمانتهم، وإن لم يكونوا من أهل العلم فضلا عن أهل العلم.

وقد كررنا هذا في هذه الورقات لتكريره في هذه الأبحاث التي تكلمنا عليها. وفيما سبق ما يغني عن تكريره.

وأما ما لمحتم إليه من أجرة الرسول، وكيفية [كان] (٢) تقسيطها، وما المستند في ذلك؟ فهذا البحث إذا بسطنا القول فيه، ونقلنا كلامكم عليه خرجنا إلا ما لا حاجة بنا وبكم إليه لاستلزامه للكلام على مباحث وجوب الطاعة، ومن تجب له. وقد كفانا وكفاكم عن هذا نصوص القرآن الكريم، والأحاديث الصحيحة المتواترة، وهي موجودة في الصحيحين، بالغة فيهما إلى حد التواتر المعتبر، فراجعوا ذلك ففيه ما يغني.

والحمد لله أولا وآخرًا، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله، ورضي الله عن الصحابة الأخيار [٢٣أ].


(١) تقدم ذكره وانظر الرسالة (٦٠).
(٢) في المخطوط [كان] أسقطت لعدم الضرورة.