للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقدير تسليمه لا يضر ... إلخ.

نقول: السياق في الآيات قاض بأنها نزلت (١) فيمن يظهر الإيمان، ويعرض عن الإجابة إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ليحكم بينه وبين غريمه، فبكت الله عليهم ذلك، وأخبر بأن المؤمن لا يكون قوله إذا دعي إلى رسول الله ليحكم بينه وبين غريمه إلا أن يقول: سمعنا وأطعنا، وهذا التقرير لا يدافع بأنه لو كان المراد ذلك لقال: إنما كان قول المنافق أو اليهودي كما لا يخفى.

قوله - أبقاه الله -: كما يفيد ذلك الألف واللام التعريفية أو الموصولية على اختلاف الرأيين ... إلخ [١ب].

نقول: ليس اللام في مثل المؤمن والكافر ونحوهما اسمًا موصولا، وإن كان صفة، إنما ذلك في الصفات التي يقصد بها الحدوث فتعمل، لا في الصفات التي صارت بمنزلة الصفة المشبهة كالمؤمن ونحوه، فاللام فيها حرف تعريف اتفاقًا. وقد بسط الكلام على ذلك السعد في حاشية الكشاف، وأما تقرير العموم بانهدام الجمعية، ومصير الصيغة جنسية شاملة محيطة فلا حاجة إليه، لأن الجمع (٢) المعرف باللام المشار بها إلى الجنس نفسه من حيث الوجود على الإطلاق من صيغ العموم عند الجمهور من الأصوليين بدون ذلك التقدير.

قوله: فهذا مسلم لكن بالنسبة إلى الحاكم لا بالنسبة إلى المحكوم به ... إلخ.

نقول: قال الله تعالى - بعد تلك الآيات في آخر سورة النور -: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} (٣) وهو اسم جنس مضاف من صيغ العموم وإن كان سببه خاصًا، والمراد العموم في الدعاء إلى تعليم الشرائع أو فصل الخصومات،


(١) انظر " روح المعاني " للآلوسي (١٩٦ - ١٩٧). " الجامع لأحكام القرآن " للقرطبي (١٢/ ٢٩٤).
(٢) انظر " إرشاد الفحول " (ص٤١٥)، " تيسير التحرير " (١/ ١٩١ - ١٩٢).
(٣) [النور: ٦٣].