للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو غير ذلك، وسر ذلك أن من دعي إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فأبى عن الإجابة عليه عنادًا كفر باتفاق الأمة، ومن امتنع عن الإجابة إلى حاكم كامل الشروط بالإجماع لم يكفر بالاتفاق. غاية الأمر أنه يكون عاصيًا وهذا هو الذي أردناه بالخصوص في قوله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} (١) من القسم العظيم على نفي الإيمان عنهم حتى يحكموه فيما شجر بينهم، ثم نفي الحرج فيما قضى، والتسليم المؤكد لذلك.

وأما ما ذكره المجيب - كثر الله فوائده - من الكلام على حديث معاذ (٢)، وما يتعلق به فكلام نفيس جدًا، ونحن قائلون به، ولكنه لا يفيد في إبطال ما قلناه.

قوله - أبقاه الله -: الثاني ما قدمنا من الإجماع القطعي على وجوب الإجابة للداعي إلى الشريعة ... إلخ.

نقول: إن أراد ما ذكره دليل على صحة الاستدلال بالآيتين على وجوب الإجابة إلى الحاكم فهو لا يفيد [٢أ] ذلك، وإن أراد أن ذلك دليل على وجوب الإجابة إلى الحاكم في البلد من غير نظر إلى كونه مدلول الآيتين فمسلم ولا ننكر ذلك أصلا، ولم يكن في كلامنا ما يدل على الإنكار بمطابقة، ولا تضمن، ولا التزام، إنما استشكلنا الاستدلال بالآيتين فقط، وهكذا نقول في الوجه الثالث.

قوله: الوجه الرابع: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قد نصب الحكام ... إلخ.

نقول: نعم نصب الحكام (٣)، وبعث بالولاة، وأمر الأمراء، وهو دليل لنا ليستكفي


(١) [النساء: ٦٥].
(٢) تقدم مرارًا وهو حديث ضعيف.
(٣) انظر " المغني " (٤/ ١١)، " تبصرة الحكام " (١/ ١٢ - ١٥).