للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهل كل قطر بما لديهم من الحكام، وغيرهم مع وجوده - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وهو إمام الكل، ولم يوجب على الغريمين الوصول إليه، بل نصب لهم الحكام تسهيلا للأمر الذي بعث به من الشريعة السمحة السهلة، ولم يؤثر عن أحد من قضاته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أنه كان يوجب على المتشاجرين الوصول إليه من الأقطار البعيدة، مع وجود حاكم عندهم، وعلى مدعي ذلك بيانه.

نعم. لو لم يكن في اليمن إلا قاض واحد لوجب الوصول إليه، فليس كلامنا إلا في وجوب الخروج عن البريد مع وجود الحاكم المعتبر في البلد.

قوله - كثر الله فوائده -: الوجه الخامس: أن إفراده - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - في الآيتين بنسبة التحكيم إليه والحكم منه هو كإفراده في قوله: {خذ من أموالهم صدقة} (١) ... إلى آخر ما ذكره - عافاه الله - بما محصله أن خطاب الله لرسوله يفيد التعميم لكل الأمة.

نقول: قد تقرر في الأصول (٢) عند الجماهير من أئمتنا وغيرهم أن الخطاب الخاص بالرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لا يتناول الأمة إلا بدليل خارجي كما هو معروف، وهذه الآيات التي ساقها قد قامت الأدلة الخارجية على عمومها، ولم يذهب إلى أن الخطاب الخاص بالرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - عام بنفس اللفظ إلا أبو حنيفة وأحمد (٣).

قوله - كثر الله فوائده -: إنه تقرر في الأصول أن خطابات الله ورسوله لواحد من الأمة يعم إذا لم يوجد ما يفيد اختصاص ذلك الواحد ... إلخ.

نقول: الذي تقرر في الأصول [٢ب] عند أئمتنا وغيرهم من جماهير العلماء أن


(١) [التوبة: ١٠٣].
(٢) تقدم ذكره. وانظر: " إرشاد الفحول " (ص٤٣٠).
(٣) " البحر المحيط " (٣/ ١٦٧)، " الكوكب المنير " (٣/ ٢٥٥).