للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خطاب الواحد (١) لا يكون للعموم، ولا يتناول سائر الأمة إلا بدليل.

وقد أخرج مسلم (٢) عن علي بن أبي طالب - عليه السلام - قال: " نهاني رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- عن القراءة في الركوع والسجود، ولا أقول: نهاكم " ولم يذهب إلى عمومه إلا الحنابلة وجماعة من الناس، والمسألة مشهورة مدونة في كتب الأصول (٣).

قوله - أبقاه الله تعالى -: الوجه السابع: أن الله تعالى قد شرع لنا التحكيم ... إلخ.

نقول: التحكيم باب آخر، ولا يشترط في المحكم الاجتهاد، ولا نزاع في ذلك، بل ولا نزاع في وجوب الإجابة إلى الحاكم الخارج عن البريد مع عدم وجود الحاكم في البلد ومنع الاستدلال بالآيتين لا يلزم منه منع الإجابة مطلقًا، وليس في كلامنا ما يدل على المنع الكلي.


(١) انظر " إرشاد الفحول " (ص٤٤٤)، " البحر المحيط " (٣/ ١٩١)، " تيسير التحرير " (١/ ٢٥٢).
(٢) في صحيحه رقم (٢١١/ ٤٨٠).
قلت: وأخرجه أحمد (١/ ٨١) وأبو داود رقم (٤٠٤٦) والنسائي (٢/ ١٨٨ - ١٨٩).
قال القرطبي في " المفهم " (٢/ ٨٦ - ٨٧): وقول علي - رضي الله عنه -: " نهاني رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا أقول نهاكم " لا يدل على خصوصيته بهذا الحكم، وإنما أخبر بكيفية توجه صيغة النهي الذي سمعه فكأن صيغة النهي التي سمع: " لا تقرأ القرآن في الركوع " فحافظ حالة التبليغ على كيفية ما سمع حالة التحمل وهذا من باب نقل الحديث بلفظه. ولا شك أن مثل هذا اللفظ مقصور على المخاطب، من حيث اللغة، ولا يعدى إلى غيره إلا بدليل من خارج، إما عام كقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " حكمي على الواحد كحكمي على الجميع " تقدم تخريجه - أو خاص في ذلك الحكم كقوله: " نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا، أو ساجدًا ".
وانظر: " تلخيص الحبير " (١/ ٣٧٧). " إرشاد الفحول " (ص٤٤٤). " البحر المحيط " (٣/ ١٩١) تقدم مرارًا.
(٣) انظر الرسالة رقم (١٣٧).