للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله - عافاه الله -: الوجه الثامن: أنه قد تقرر في الأصول (١) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إذا فعل فعلا، أو شرع الله له شرعًا كان التأسي به في ذلك ... إلخ.

نقول: الذي تقرر في الأصول أن فعله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إذا لم يكن جبليًا (٢) ولا دل دليل على الخصوصية فيه إما أن يكون معلوم جهته أو لا، فمعلوم الجهة افترقت فيه الأصوليون إلى أربعة مذاهب:

الأول: أن أمته مثله (٣).

الثاني: لا تكون مثله.

الثالث: أنهم مثله في العبادات.

الرابع: أنه يكون كمجهول الجهة، ومجهول الجهة فيه أربعة أقوال أيضًا وهي: الوجوب (٤)، والندب (٥)، والإباحة (٦)، والوقف (٧). هذا في فعله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -.


(١) انظر " إرشاد الفحول " (ص١٤٥)، " البحر المحيط " (٤/ ٦٤).
(٢) كالقيام والقعود ونحوهما فليس فيه تأس ولا به اقتداء ولكنه يدل على الإباحة عند الجمهور.
" نهاية السول " (٣/ ١٦)، " إرشاد الفحول " (ص١٥٧).
(٣) أي أن أمته في ذلك الفعل إلا أن يدل دليل على اختصاصه به وهذا هو الحق.
(٤) وقد روي عن ابن سريج قال الجويني في " البرهان " (١/ ٤٩٣ - ٤٩٤) وابن خيران وابن أبي هريرة والطبري وأكثر متأخري الشافعية.
" إرشاد الفحول " (ص١٦٥).
(٥) قال الزركشي في " البحر " (٤/ ١٨٣) وهو قول أكثر الحنفية والمعتزلة ونقله القاضي وابن الصباغ عن الصيرفي والقفال الكبير.
(٦) اختاره الجويني في البرهان (١/ ١٩٤) وهو الراجح عند الحنابلة.
(٧) الوقف حتى يقوم دليل. نقله ابن السمعاني عن أكثر الأشعرية قاله الزركشي في " البحر المحيط " (٤/ ١٨٣ - ١٨٤).
انظر أدلة كل قول ورد الشوكاني عليهم في " إرشاد الفحول " (ص١٦٤ - ١٦٦).