للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نقول: الإشارة في هذا إلى كلام إمام البيان الزمخشري (١) - رحمه الله - من جعله الدعاء إلى الله تعالى هو الدعاء إلى رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وأن ذلك من باب أعجبني زيد وكرمه لكونه هو المطابق لمقتضى الحال، ولما كان المراد في هذه الآية من الدعاء إلى الله هو الدعاء إلى رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أفرد الضمير (٢) أي ليحكم أي: ليحكم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بينهم، وهذا واضح لا يخفى.

قوله - أبقاه الله -: ثم قوله: فلا يثبت هذا الحكم لغير رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إلى قوله: يستلزم ما قدمنا ذكره ... إلخ.

نقول: قد أكثر المجيب - غفر الله له - من التهويل بطي بساط الشريعة، والوقوع في مخالفة جميع الأمة، ومخالفة الضرورة الدينية، وغير ذلك، وهو تهويل في غير محله؛ إذ صريح [٣ب] كلامنا إنما هو استشكال للاستدلال بالآيتين على المدعي فقط، وأنشده بالله هل يجزم متدين بأن الحكم بالآيتين ثابت على من دعي إلى التحاكم لدى قاض معين من نفي إيمانه حتى يحكمه فيما شجر بينه وبين غريمه، ثم ينتفي وجدان الحرج في نفسه مما قضى، ثم التسليم لذلك، وأن يقول: سمعنا وأطعنا. وقد قدمنا أن من امتنع عن الإجابة إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنادًا كفر بالإجماع ولا كذلك من امتنع عن الإجابة إلى حاكم.

قوله: وأما قوله: إن الخصوص في آية سورة النساء أوضح ... إلخ.

نقول: وجه الأوضحية واضح بما قدمناه قريبًا، ومن ملاحظة المقام الذي لا يكون الكلام بليغًا إلا بمطابقته على وفق مقتضى الحال.


(١) (٤/ ٣١٣).
(٢) قال صاحب " الدر المصون " (٨/ ٤٢٦) قوله (ليحكم) أفرد الضمير وقد تقدمه اسمان وهما: الله ورسوله، فهو كقوله تعالى: {والله ورسوله أحق أن يرضوه} [التوبة: ٦٢] لأن حكم الله ورسوله هو حكمه.