للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدين، وليس أساس الدين مجرد وصول قبيلي يدعي في شفعة أو نحوها ليحكم الحاكم له أو عليه. نعم هذا من الدين لا أنه أساس الدين.

قوله: وأما إذا كان ذلك المتأهل الذي قضى بالرأي ... إلخ.

نقول: العمل بالرأي المحض غير صحيح، وحديث معاذ (١) مع ضعفه ظني لا ينهض في محل النزاع، والمسألة أصولية لا يثبت بالظنيات كما علم، فالحاكم الذي لم يجد إلا الرأي لم يكلفه الله بالتشريع لعباده، ولا أذن له في ذلك، ولا أوجب عليه الحكم في كل جزئي من جزئيات المتشاجرين، فإذا وقع مثل ذلك فلا وصمة عليه أن يقول: لا علم لي [٧أ] بذلك، اذهبوا إلى غيري، بل هو من كمال العلم، ومزيد الورع، وشدة التقوى، وتمام البر. وقد قال بعض السلف: من ترك لا أعلم أصيبت مقاتله. وما أحسن ما قيل:

قد كان لا أدري (٢) لهم في دينهم ... تلبية بل كانت عمود نصابه

وقد كانت الفتوى تدور في أيام الصحابة حتى ترجع إلى الأول.

قوله: وأما الاستناد في الأحكام الشرعية إلى الأعراف المألوفة ... إلخ.

نقول: مرادنا بالأعراف المألوفة الإشارة إلى أحد القواعد الكلية التي يذكرونها أئمة الأشباه والنظائر في قواعد الفقه، وهي أن العادة محكمة، وفرعوا عليها مسائل كثيرة. وقد بسط الكلام عليها الحافظ السيوطي (٣)، وصدر الدين ابن الوكيل (٤) في كتابيهما:


(١) تقدم تخريجه وهو حديث ضعيف.
(٢) وحكي أن مالكًا سئل عن أربعين مسألة فقال في ست وثلاثين منها: لا أدري. ولم يخرجه ذلك عن كونه مجتهدًا.
وقيل: من يجيب في كل مسألة فهو مجنون، وإذا ترك العالم: لا أدري أصيبت مقاتله. انظر: " المغني " (٤/ ١٦).
(٣) في " الأشباه والنظائر " (ص١١٩).
(٤) في " الأشباه والنظائر " (١/ ١٦٥).