للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: مثلا لو قال لهم القائل أنه قد وقع الإجماع على عدم جواز تقليد الأموات كما نقل ذلك العلامة محمد بن إبراهيم الوزير في القواعد (١) ... إلخ.

نقول: الذي في الذهن أن السيد محمد بن إبراهيم إنما نقل عن الإمام الهادي - عليه السلام - عدم جواز تقليد الأموات (٢)، ثم بكت على من يقلد الهادي بعد موته بأنه مقلد لمن لا يجوز تقليده. وأما نقل الإجماع فلم يكن في الذهن أنه نقله، ولا يظن به ذلك؛ إذ هو بمحل من التثبت في النقل، كيف وقد قال الإمام المهدي في الأزهار (٣): والحي أولى من الميت، وهو أجل من أن ينقل ما أجمعت الأمة أو أهل البيت على خلافه.

قوله: لمثل هذا المنصب الذي هو أساس الدين.

نقول: أساس الدين هو اتباع القدم المحمدي في جميع ما جاء به، ونشر العلم، والعكوف على العبادة والجهاد في سبيل الله الذي هو سنام الدين، والنهي عن المنكر، والأمر بالمعروف، وإقامة حدود الله على الوجه المشروع، فمجموع هذا هو أساس


(١) تقدم ذكره.
(٢) قال الزركشي في " البحر المحيط " (٦/ ٢٩٧ - ٣٠٠) فإن قلد ميتًا ففيه مذاهب:
أحدها: وهو الأصح وعليه أكثر أصحابنا كما قاله الروياني، الجواز، وقد قال فيه الإجماع، وأيده الرافعي بموت الشاهد بعدما يؤدي شهادته عند الحاكم فإن شهادته لا تبطل.
الثاني: المنع المطلق: إما لأنه ليس من أهل الاجتهاد، كمن تجدد فسقه بعد عدالته، لا يبقى حكم عدالته. وإما لأن قوله وصف له وبقاء الوصف مع زوال الأصل محال، وإما لأنه لو كان حيًا لوجب عليه تجديد الاجتهاد، وعلى تقدير تجديده، لا يتحقق بقاؤه على القول الأول فتقليده بناءً على وهم أو تردد والقول بذلك غير جائز.
وهذا الوجه نقله ابن حزم عن القاضي، وحكى الغزالي في " المنخول " فيه إجماع الأصوليين.
الثالث: الجواز بشرط فقد الحي، وجزم به إلكيا وابن برهان.
الرابع: التفصيل بين أن يكون الناقل له أهلا للمناظرة، مجتهدًا في ذلك الاجتهاد الذي يحكى عنه، فيجوز، وإلا فلا قاله الآمدي والهندي.
(٣) (١/ ١١١ - مع السيل).