للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أي الإمام في الغاية (١): مسألة: اختلف في نقض الحكم إن لم يخالف قاطعًا فقيل بالمنع لفوات مصلحة نصب الحكام، وقيل بالجواز إن خالف نصًا أو حديثًَا، وهو على التخطئة ظاهرًا، انتهى. وإنما لم يذهب الإمام المهدي إلى هذا لأن مذهبه أن كل مجتهد مصيب من الإصابة، ولهذا قال: ولا ينقض حكم حاكم إلا بدليل علمي (٢).

قوله - عافاه الله -: لأنا نقول إنه لو كان ذلك كذلك فهما إنما ترافعا إليه ليحكم بينهما بالشريعة المطهرة لا بمحض رأيه ... إلخ.

نقول: قد قدمنا أن غالب المتشاجرين بل جميعهم زيدية المذهب، وهم إنما يترافعون إلى الحاكم ليحكم بينهم بمذهب من قلدوه، ولم يحكموه إلا لظنهم الحكم بذلك، ولو أنه يقال لهم: إن الحاكم الفلاني سيحكم بينكم في هذه الحادثة باجتهاده، وبما أداه إليه نظره، أو يحكم بما يخالف مذهبكم، أو بما يذهب من قلدتموه إلى خلافه لم يرضوا بذلك، ولنفر الغريم وغريمه من ذلك الحاكم، وهذا شيء قد سمعناه عنهم، وشاهدناه منهم، ولا يوقف الغرماء من النفور إذا علموا بذلك إلا الخوف من الحبس والتنكيل ونحو ذلك لأجل ذلك، مع ملاحظة عدم التنفير وجمع القلوب التي أرشد إليها الشارع.

كان بعض أكابر العلماء المحققين وهو من مشائخنا ومشائخكم إذا أداه نظره إلى [٦ب] الحكم بما يخالف المذهب نظر إلى من يقول بذلك الذي ذهب إليه من أهل البيت - عليهم السلام - ثم يصدره فيما يحرره من الأحكام، لئلا يظن به المتشاجرون مخالفة أهل البيت - عليهم السلام - في حكمه، وهم لا يريدون منه إلا الحكم بمذهب أهل البيت، مع كون ذلك موافقًا لاجتهاده، وكان بعض شيوخ هذا العلامة إذا ورد إليه سؤال أجاب فيه بأنه إذا كان السؤال عن المذهب الشريف فالأمر على كيت وكيت، وإن كان السؤال عما يترجح لدي فكيت وكيت، فسأله تلميذه عن سبب صنيعه هذا فقال: إن هؤلاء يسألون هذه السؤالات ليس قصدهم بها إلا أن يجاب عنها بالمذهب.


(١) انظر: " مؤلفات الزيدية " (٢/ ٢٩٣).
(٢) تقدم ذكره.