للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكرخي (١) ومن بايعه، فقالوا: يختص بالرسول حتى يقوم دليل الشركة. وأما ما ذكرتم من أن تلك الآيات التي ذكرناها قد قامت الأدلة الخارجية على عمومها فأوضحوا لنا هذه الأدلة الخارجية حتى نبين لكم صدق ما قلناه من أن كل دليل يفرض في تلك الآيات فمحل النزاع مثله.

قوله: الذي تقرر في الأصول عند أئمتنا وغيرهم من جماهير العلماء أن خطاب الواحد لا يكون للعموم ... إلخ (٢).

أقول: إن أردتم أنه لا يعم باعتبار الصيغة فلا نخالفكم في هذا، وإن أردتم أنه لا يعم لا من حيث الصيغة، ولا من حيث الأدلة الدالة على العموم كقوله: حكمي على الواحد حكمي على الجماعة، وكقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " ما قولي لامرأة واحدة إلا قولي لمائة امرأة " (٣) فباطل، بل خلاف الإجماع، وهذا الوجه الآخر هو الذي


(١) انظر " البحر المحيط " (٣/ ١٨٩).
قال في " البحر المحيط ": واعلم أن مثل هذا الخطاب نوعان:
نوع مختص لفظه بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولكن يتناول غيره بطريق الأولى كقوله: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك} [التحريم: ١].
ثم قال: {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} [التحريم: ٢].
وقوله: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء} [الطلاق: ١].
ونوع يكون الخطاب له وللأمة، وأفرده بالخطاب، لكونه هو المواجه بالوحي وهو الأصل فيه. والمبلغ للأمة والسفير بينهم وبين الله، وهذا معنى قول المفسرين: الخطاب له، والمراد غيره ولم يريدوا بذلك أنه لم يخاطب بذلك أصلا كما يقول السلطان لمقدم العساكر: اخرج غدًا، أو انزل بمكان كذا.
ومنه قوله تعالى: {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} [النساء: ٧٩].
وقوله تعالى: {وأرسلناك للناس رسولا} [النساء٧٩].
(٢) تقدم. انظر الرسالة رقم (١٣٩).
(٣) تقدم تخريجه مرارًا.