أردناه في تلك الأبحاث، فإنما قلنا إن الخطابات لواحد تعم، ولم نقل أن ذلك العموم مستفاد من الصيغة حتى يرد ما اعترضتم به، فكان عليكم أن تقولوا إن أراد المجيب كذا فمسلم، وإن أراد كذا فممنوع، كيف وقد أوضحت هذا المراد بقولي بعد ذلك: ولا يقدح في ذلك تخصيصه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بالخطاب! فإني لو أردت العموم من حيث الصيغة لكان هذا التخصيص قادحًا وأي قادح!.
قوله: قال: نهاني رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عن القرآن في الركوع والسجود.
أقول: هذا عليكم لا لكم، فإنه لو كان الخطاب للواحد خاصًا على كل تقدير لم يحتج - كرم الله وجهه - إلى أن يقول هذا، بل كان فهم العرب على مقتضى لغتهم يغني عن هذا البيان، فلم يقل هذه المقالة إلا دفعًا لما يفهمه السامعون من كون غيره له حكمه في ذلك، وهذا واضح لا سترة به.
قوله: التحكيم باب آخر ... إلخ.
أقول: لعله - كثر الله فوائده - لم يتدبر ما ذكرناه في هذا الوجه، فإنا قلنا في آخره ما لفظه: فإذا كانت الإجابة لدعوة من دعى إلى التحكيم واجبة فكيف لا تجب إجابة من دعى إلى حاكم من حكام الشريعة، انتهى!. فهذا الكلام هو في قوة القياس بفحوى الخطاب، فكيف غاب عنه - عافاه الله -!.
قوله - كثر الله فوائده -: فقول المجيب: لا خلاف فيه بين المسلمين غير مسلم ... إلخ.
أقول: ما كان من أفعاله جبليًا (١) يعلم كل من لديه علم أنه غير مراد، ولا يحتاج [٤أ] إلى إخراجه إلا إذا كان الكلام مع من لم يعرف كلام أهل الأصول، وأما الخاص فقد أخرجناه في تلك الأبحاث.