للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

وبعد حمد ذي الجلال، والصلاة والسلام على الرسول والآل، فإنه ورد السؤال من بعض أرباب الكمال، وهو سيدي العلامة الحسن بن زبارة (١) - كثر الله فوائده - وهذا نصه: أشكل علي ما يفعله الحكام والعمال في هذا الأوان في شأن أجرة الأعوان والسجان على الخصوم، وإلزام من عليه الحق في غالب الحالات بالتسليم للأجرة، لكون الحق عنده، ونص أهل الفروع كما عرفتم أن أجرتهم من ذي الحق هذا وما أدري ما هو المستند معهم، وكذلك أجر الحكام أنفسهم، فإني لم أجد لهم مسوغًا في قبض الأجرة من الخصمين، بل ومن بيت المال إلا ما روي أن عائشة - رضي الله عنها - قالت: " لما استخلف أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - قال: لقد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مؤونة أهلي، وشغلت أمر المسلمين، وسيأكل آل أبي بكر من هذا المال، وأحترف للمسلمين فيه ". أخرجه البخاري (٢).

وما رواه في الأحكام (٣) والشفاء (٤): " أن عليًا - رضي الله عنه - كان يرزق شريحًا القاضي من بيت المال خمسمائة درهم "، وغير ذلك من الآثار غايته أنها أفعال الصحابة وقد عرفتم ما فيها، هذا وأما قبض الأجرة من الخصمين فلم أعثر على دليل فيه. وقد قال في الغيث (٥) أنه لم يكن في عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ولا في عهد أحد من الصحابة؛ وروي المنع عن ابن عمر. وفي روضة النووي (٦) ما لفظه: فرع:


(١) تقدمت ترجمته.
(٢) في صحيحه رقم (٢٠٧٠).
(٣) انظر " مؤلفات الزيدية " (١/ ٨٣).
(٤) " شفاء الأوام " (٣/ ٢٨٨).
(٥) " الغيث المدرار المفتح لكمائم الأزهار ". للإمام أحمد بن يحيى المرتضى الحسني، وهو شرح على كتاب " الأزهار في فقه الأئمة الأطهار " في أربع مجلدات. " مؤلفات الزيدية " (٢/ ٢٩٧).
(٦) (٥/ ١٨٨).