قال ابن حجر في " الفتح " (١٣/ ١٥٤) قال الطبري: في حديث عمر الدليل الواضح على أن من شغل بشيء من أعمال المسلمين أخذ الرزق على عمله ذلك، كالولاة والقضاة وجباة الفيء وعمال الصدقة وشبههم لإعطاء رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عمر العمالة على عمله. وذكر ابن المنذر أن زيد بن ثابت كان يأخذ الأجر على القضاء. قال ابن بطال في تعليل الأفضلية - ما جاء من المال عن غير سؤال أفضل من تركه - أن الأخذ أعون في العمل وألزم للنصيحة من التارك، لأنه إن لم يأخذ كان عند نفسه متطوعًا بالعمل، فقد لا يجد جد من أخذ ركونًا إلى أنه غير ملتزم بخلاف الذي يأخذ، فإنه يكون مستشعرًا بأن العمل واجب عليه فيجد جده فيها. قال القرطبي في " المفهم " (٣/ ٩٠): قوله " وأنت غير مشرف ولا سائل " إشراف النفس: تطلعها وتشوفها وشرحها لأخذ المال. ولا شك أن هذه الأمور إذا كانت هي الباعثة على الأخذ للمال، كان ذلك من أدل دليل على شدة الرغبة في الدنيا والحب لها، وعدم الزهد فيها، والركون إليها والتوسع فيها، وكل ذلك أحوال مذمومة. فنهاه عن الأخذ على هذه الحالة اجتنابًا للمذموم، وقمعًا لدواعي النفس، ومخالفة لها في هواها. فإن من لم يكن كذلك جاز له الأخذ للأمن من تلك العلل المذمومة. وقال القرطبي في " المفهم " (٣/ ٩١) وهذا الحديث أصل في أن كل من عمل للمسلمين عملاً من أعمالهم العامة: كالولاية، والقضاء والحسبة والإمامة فأرزاقهم في بيت مال المسلمين، وأنهم يعطون ذلك بحسب عملهم.