للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه يا كريم.

ماذا يقول شيخنا حاكم القطر، وعالم المصر، واسطة عقد نظام الأعلام، وشيخ مشايخ الإسلام، صاحب الفضل الواضح الجلي أبو علي مولانا محمد بن علي لا زالت شموس علومه على الخلق مشرقة، ولا برحت رياض معارفه وعوارفه للطالبين مونقة في أسئلة لا تزال تخطر ببالي، وتمر على خيالي منذ أعوام عويمة، وأيام قديمة، وإنما يسأل بها عالم مثله، قد رسخت قدمه في علم السنة النبوية، وطالت يده في العلوم الشرعية حتى صار قافيًا في أقواله وأفعاله الطريقة المحمدية، سائرًا في جميع أموره السيرة الرضية المرضية، مائلاً عن القيل والقال، معرضًا عن آراء الرجال، لا يخاف في الله لومة لائم، ولا يبالي عند قول الحق بمقالة ظالم، فليمعن النظر مولانا - كثر الله فوائده - في جوابها، وليبن بنير علمه طريق صوابها - جزاه الله خيرًا، ووقاه ضيرًا -.

السؤال الأول: إنا نرى حكام الأقطار في هذه الأعصار يحلفون اليمين المسماة يمين العنت، ويلزمون الخصم أن يحلفها لخصمه، فهل لهم دليل فيما يفعلونه أم لا؟ فإني فتشت جل الكتب العلمية، وبحثت أكثر المجاميع الحديثية، فلم أجد فيها عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - حرفًا واحدًا إلا أن الفقيه حسن (١) ذكرها في تذكرته (٢)، وتتابع بعده المفرعون في ذكرها حتى تهور الإمام شرف الدين فجعلها نظرية، ولم يعلم أن الحاكم إنما نصب ليحكم بين الناس بما جاء عن الله تعالى، أو عن رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لا ليحكم بشرع جديد من عند نفسه، أو يزيد في دين الله ما لم يكن منه، كيف وقد قال الله تعالى: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب} (٣)


(١) الفقيه الحسن بن محمد المذحجي الصنعاني.
(٢) التذكرة الفاخرة في فقه العترة الطاهرة.
" مؤلفات الزيدية " (١/ ٢٧٩ - ٢٨٠).
(٣) [النحل: ١١٦].