للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والبيهقي (١) من حديث الحارث بن عمرو عن ناس من أصحاب معاذ عن معاذ أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لما أراد أن يبعثه إلى اليمن قال له: " كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ " قال: أقضي بكتاب الله، قال: " فإن لم تجد في كتاب الله؟ " قال: بسنة رسول الله، قال: " فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأيي فلا آلو، فضرب صدره وقال: " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضاه رسول الله ".

والاستدلال بالحديث ممنوع، لأن فيه كلامًا كثيرًا استوفاه ابن النحوي في البدر المنير (٢)، وادعى إجماع أهل النقل على ضعفه، وبرهن على مدعاه بما يطول ذكره، ونقل عن ابن دحية أن أحسن ما روي في هذا الباب ما رواه الشعبي عن شريح القاضي أنه كتب إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يسأله، فكتب له عمر - رضي الله عنه -: أن اقض بما في كتاب الله، فإن لم يكن في كتاب الله ففي سنة رسول الله، فإن لم يكن في سنة رسول الله فاقض بما قضى به الصالحون، فإن لم يكن في كتاب الله، ولا في سنة رسوله، ولا فيما قضى به الصالحون فإن شئت فتقدم، وإن شئت فتأخر، وما أرى التأخر إلا خيرًا لك، والسلام عليك. انتهى.

وقد نقل الحافظ ابن حجر (٣) بعض الكلام على الحديث. ومثل غير خاف عليكم فلا حاجة إلى التطويل بذكره في هذا السؤال، وذكر الأصوليين، والفقهاء، وبعض المحدثين لهذا الحديث في كتبهم، واعتمادهم عليه، وتصحيح إمام الحرمين له لا يغني شيئًا بعد أن ضعفه أهل العلم بصناعة الحديث؛ فلا تقوم به حجة. وإذا لم تقم به حجة فهل يحل للحاكم أن يعمل به فيحكم برأيه أم الواجب عليه أن لا يحكم إلا بما


(١) في " السنن الكبرى " (١٠/ ١١٤).
وهو حديث ضعيف. وقد تقدم مرارًا.
(٢) انظر: " خلاصة البدر " (٢/ ٤٢٤).
(٣) في " التلخيص " (٤/ ٣٣٧). وقد تقدم ذكره.