للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدليل قائم بعكسه، وأن الواجب على الحاكم الحكم بما جاء عن الله وعن رسوله، فليت شعري ما الحامل لهم على ذلك؟ وما الذي سوغه لهم؟ وما فائدة الاجتهاد وما منفعة الذهاب والإياب لكسب العلم واستفراغ الوسع في تحصيله؟ ليس إلا العمل به لا تخليده في بطون الدفاتر. وكيف وقد علموا الوعيد الشديد، والمقت الأكيد من الله ورسوله لمن لم يحكم بما أنزل الله!.

السؤال السابع: أنه قد علم من ضرورة أن الحاكم إنما نصب ليحكم بين الناس بما أنزل الله، أو بما جاء عن رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، أو بما استنبطه بفهمه منهما، وأن الواجب عليه التثبت في الحكم، والاجتهاد البالغ الكامل لئلا يقضي للناس على جهل فيضل ويضل ويكون في النار، وإنا لنراهم يحكمون بما ليس عليه آثارة من علم، بل يخبط بعضهم خبط عشواء، ولا ينظر في دليل ولا غيره، بل قد يكون حكمه مجانبًا للكتاب والسنة. وقد يعتذرون بالعمل بالمصالح، وأي مصلحة أعظم من الحكم بما جاء من الله ورسوله، أو الإمساك عن الحكم عند عدمهما! وقد يعتلون بأن المقصود فصل الخصومة والشجار، ويقال لهم: نعم ولكن على الحد المشروع الذي أذن به الله ورسوله لا مطلقًا، وإلا كان الحكم أهل الطاغوت صحيحًا جائزًا، لأنه قد حصل منه المقصود، ولا يقول هذا مسلم. وقد [٢أ] يستدل العالم منهم بما أخرجه أحمد (١)، وأبو داود (٢)، والترمذي (٣)، وابن عدي (٤)، والطبراني (٥)، ...................................


(١) في " المسند " (٥/ ٢٣٠، ٢٤٢).
(٢) في " السنن " رقم (٣٥٩٢).
(٣) في " السنن " رقم (١٣٢٧).
(٤) في " الكامل " (٢/ ١٩٤).
(٥) في " الكبير " (٢٠/ ١٧٠ رقم ٣٦٢).