للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إتعابه وإعناته مع ثبوت الحق بعد اللتيا (١) واللتي، وبعد التطويل بما هو محض العبث الذي لا طائل تحته، وإما إتعابه وإعناته مع ذهاب حقه فيجمع له بين غرمين ومصيبتين في المال والبدن. فهل من سبيل إلى دفعه عن طلب اليمين؟ وهل يجوز للحاكم أن يقول له عند طلب اليمين مع عدم علم الحاكم بأن له بينة، أو لا بينة له، ليس لك هذا؟ أو لا يجوز لك؟.

فإن قيل بأنه يجوز له ذلك كان هذا هو القلب للشريعة. فغاية ما على الحاكم أن ينبهه أن خصمه المنكر إذا حلف تلك اليمين انقطع حقه، ولم تنفعه البينة بعدها على ما هو الحق من عدم قبول البينة بعد اليمين.

السؤال الثالث: حاصله استنكار ما يفعله كثير من الحكام من طلب زيادة على شهادة شاهدين عدلين، أو رجل وامرأتين، ويسمونه التكميل للشهادة.

وأقول: إن كانت العدالة المعتبرة التي تصلح مستندًا للحكم الشرعي قد حصلت فلا وجه لطلب التكميل، ثم هذا التكميل الذي ذكره السائل - دامت إفادته - إن أراد به التكميل باليمين من المدعي، وهي التي يسميها بعض أهل الفقه اليمين المؤكدة فهذا قد يكون سببه حصول بعض ريبة للحاكم لا يوجب ترك العمل بالشهادة، فيطلب اليمين المؤكدة لتحصيل الطمأنينة، وانثلاج الصدر، ورفع الحرج. وقد يستأنس لذلك بمثل قوله سبحانه: {فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما} (٢) ومع هذا فإن المدعي إذا تلكأ عن اليمين المؤكدة، ولم يجب إليها كانت الريبة في ذلك قوية، والشك والحرج بليغًا، وإن أراد به طلب زيادة في الشهادة تكمل بها شهادة الشاهدين العدلين، أو شهادة الرجل والامرأتين العدول فهذا أيضًا لا وجه له، لأن نصاب الحكم قد حصل مع كمال الأمور المعتبرة في الشهود، فإن حصل للحاكم ريبة لشيء في الشهود لم يبلغ إلى ترك


(١) تقدم توضيح معناها في الرسالة رقم (٦٠).
(٢) [المائدة: ١٠٧].