للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعدل (١)، فإن اعتبار العدالة أمر نطق به الكتاب العزيز، والسنة المطهرة. ومع ذلك فهو مجمع على اعتبارها كما حكى ذلك غير واحد، منهم الزركشي في البحر (٢).

والاختلاف في تحقيق مفهومها، وبيان ماهيتها لا يخرجها عن كونها معتبرة بالنص والإجماع. وقد اختلف أئمة الأصول في تحقيقها على أقوال، وكذلك علماء الجرح والتعديل، وعلماء المصطلح أهل الحديث، وطال الكلام في ذلك.

وقد استوفيت الكلام عليه في إرشاد الفحول (٣) إلى تحقيق الحق من علم الأصول [٦أ]. ولا خلاف بين المتكلمين في اعتبار العدالة أنها غير معتبرة في الأخبار المفيدة للتواتر (٤).


(١) قال الشيرازي في " المهذب " (٢/ ٢٩٧): ولو رضي المشهود عليه بشهادة الفاسق لم يجز الحاكم أن يحكم بشهادته ".
وقال: الماوردي في " الحاوي " (١٢/ ٥٧) وإذا علم القاضي بفسق الشاهد فيرد شهادته ويحكم بعلمه فيه قولاً واحدًا عند الشافعي.
وقال ابن فرحون في " تبصرة الحكام " (١/ ٢٤٩، ٤٢١).
" لو شهد عنده من ليس بعدل والقاضي يعلم أنه شهد بحق فلا يحل له أن يجيز الشهادة ولا أن يحكم بها ".
وقال المرتضى في " البحر الزخار " (٤/ ٣٩٣): ولو شهد غير عدلين ورضي الخصم بشهادتهما لم يجز الحكم بهما بل إقراره إن أقر إقرارًا صحيحًا.
(٢) (٤/ ٢٧٣ - ٢٧٥).
(٣) (ص٢٠٤ - ٢١٠).
(٤) قال جمهور الفقهاء إن عدالة الشهود من حق الله سبحانه، فلا يجوز التنازل عنها أو التساهل فيها، ولا تقبل شهادة الفاسق، ولو رضي به الخصم الآخر، أو اتفق الخصمان على قبول شهادته، وتشترط التزكية لمعرفة عدالة الشهود بدون طلب الخصم. لقوله تعالى: {وأشهدوا ذوي عدل منكم} [الطلاق: ٢]. وقوله تعالى: {ممن ترضون من الشهداء} [البقرة: ٢٨٢]. ورضا الحاكم فرع معرفتهم، وقوله تعالى: {إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا} [الحجرات: ٦].
والتبيين هو بالتثبت بالسؤال والتزكية ولما روى عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: عندما شهد عنده اثنان: " لا أعرفكما، ولا يضركما أن لا أعرفكما ائتياني بمن يعرفكما " تقدم تخريجه.
والشهادة حق مشترك بين حقوق الله تعالى وحقوق الآدميين لقوله تعالى: {وأقيموا الشهادة لله} [الطلاق: ٢] فلا يجوز للآدمي أن يتنازل أو يتفق مع خصمه بما يخالف حق الله تعالى، فيجب تعديل الشاهد بطلب من الله سبحانه وتعالى.
انظر: " مغني المحتاج " (٤/ ٤٠٣)، " المهذب " (٢/ ٢٦٩)، " كشاف القناع " (٤/ ٢٠٥، ٢٠٧).