للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العزيز بعضها يعم أهل الإسلام ومن قبلهم من أهل الكتاب، وبعضها يخص أهل الكتاب من حيث السبب أو السياق، ويعم من حيث اللفظ. والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

فإن قلت: إذا ابتلي المجتهد بتولي القضاء في أرض لا يعرف أهلها إلا التقليد، ولا يدينون إلا بما صرح به من هم مقلدون له، ويعدون ما خالف ذلك خارجًا عن الشريعة المطهرة كما هو في هذه الأزمنة كائن في غالب الديار الإسلامية شامها ويمنها، ومصرها وهندها ورومها وشرقها وغربها، بل لو قلت: إنه قد عمها كلها ولم يخرج من ذلك إلا الشاذ النادر كالواحد الفرد من الألوف، بل من مئين الألوف، بل من ألوف الألوف لم يكن ذلك بعيدًا من الصواب، ومما يؤيد ذلك ما رأيته في بعض مؤلفات الشيخ العلامة صالح الفلاتي - رحمه الله - النازل بالمدينة المنورة في هذا العصر المتوفى إلى رحمة الله في الأيام القريبة فإنه قال: إنه دار الغرب والشرق، ومصر والشام، والحرمين فلم يجد في هذه الديار مع طول البحث ومزيد الكشف من يعمل بالأدلة ويؤثرها على التقليد (١) إلا ثلاثة رجال فقط.

قلت: هذا المجتهد المسكين المبتلى من جهتين:

الجهة الأولى توليه للقضاء.

الجهة الثانية كونه في ديار المقلدة الذين هم بتلك الصفة يجب عليه أن يقدم حق الله عليه، ويؤثر مراده منه فيقضي بما يقتضيه كتاب الله - عز وجل -، وسنة رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - غير ملتفت إلى غيرهما، ولا مؤثر لما سواهما، ويضرب بذلك وجه المحكوم عليه، فإن وجد للحق ناصرًا فبها ونعمت، وإن لم يجد للحق ناصرًا فليس عليه إلا ذلك، ولا يجب عليه سواه، لأنه قد أبلغ الحجة، ووفى بما أخذه الله عليه من البيان، وقام بالميثاق الذي ألزمه الله - سبحانه - به في كتابه العزيز، فإن عجز عن ذلك ورجفت


(١) انظر الرسالة رقم (٦٠).