للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمسالك العقلية.

نعم. إذا كانت آيلة إلى الإثبات بوجه من الوجوه كانت مثبتة مطلوبة. وليس الاعتبار بمجرد الألفاظ، بل بما يستفاد منها من المعاني، فالحاكم العارف بمدلولات الكلام وخواصه ينبغي له أن ينظر في شهادة الشاهد ويسمعها وإن كانت نافية لأنها قد تشتمل على ما يفيد المراد من حيث المعنى، وإن كانت من حيث اللفظ نافية.

وأما الرد لها بمجرد كونها نافية فهو جمود قبيح، وظاهرية سمجة.

السؤال السادس: حاصله: ما وجه عمل من كان من حكام العصر متأهلاً للاجتهاد، جامعًا لعلومه بما وقع في كتب الفقه المألوفة عند أهل العصر وإن خالف الدليل؟.

أقول: إذا عمل المجتهد المطلق بغير ما قد ثبت لديه دليله فهو أحد القاضيين اللذين هما (١) من أهل النار، بل هو شرهما [٧ب] وأقبحهما، لأنه قضى بخلاف الحق وهو يعلم بالحق، ويعلم أن قضاءه خلاف الحق. وقد صرح القرآن الكريم بعظم ذنب من عصى عالمًا، ووقع في خلاف ما ثبت على علم منه. والنصوص بذلك في مواضع من الكتاب (٢)


(١) تقدم ذكره.
(٢) منها: قوله تعالى: {ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين} [البقرة: ٤٥].
وقوله تعالى: {وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم} [آل عمران: ١٩].
وقوله تعالى: {ولئن اتبعت أهواءهم بعدما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق} [الرعد: ٣٧].
وقال تعالى: {وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه} [البقرة: ٢١٣].
وقال سبحانه: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} [المائدة: ٤٥].
وقال سبحانه: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} [المائدة: ٤٧].