للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السؤال الخامس: حاصله: ما وجه منع بعض أهل الفروع لقبول الشهادة (١) على النفي؟.

وأقول: وجه ذلك أن الشاهد على نفي ما ادعاه المدعي إنما أخبر عن عدم علمه بذلك الشيء على نفي ما ادعاه المدعي، إنما أخبر عن عدم علمه بذلك الشيء، وعدم علمه به لا يستلزم العدم، فإذا قال مثلاً: إن زيدًا لم يقتل عمرًا، إن زيدا لم يأخذ مال عمر، فكأنه قال: لم أعلم بذلك. وعدم علم الشاهد أو الشاهدين أو الشهادة ليس حجة على أحد، ولا يجوز الاحتجاج به في شيء قط. ومع هذا فهذه الشهادة النافية ليس بها حاجة البتة، لأن هذا النفي هو موافق لإنكار المنكر، وليس على المنكر بينة لا مثبتة ولا نافية، بل عليه اليمين كما أوجبه الشارع عليه، ولا يحتاج إلى إقامة بينة، ولا هو مطلوب بذلك، فالمدعي إنما هو من ادعى على غيره صدور فعل منه أو قول.

أما لو ادعى عليه ابتداءً أنه لم يقل أو لم يفعل لم يكن مدعيًا، وإن كان هو المبتدئ فتقرر بهذا أن البينة على النفي ليست بمناسبة للمسالك الشرعية، كما أنها ليست بمناسبة


(١) من شروط الشهادة:
أن تكون الشهادة عن علم ويقين، ولا تقبل إذا كان سببها الظن والتخمين ولذلك جاء في تعريف الشهادة عند بعض الحنفية أنها أخبار عن مشاهدة وعيان لا عن تخمين وحسبان، وذلك بأن يعتمد في شهادته على معاينة الأفعال وسماع الأقوال قال تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم} [الإسراء: ٣٦].
انظر: " أصول الإثبات " (ص٦٩)، " المبسوط " (١٦/ ١١٦).