للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

أحمدك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأصلي وأسلم على رسولك وآل رسولك، وبعد:

فإنه جرى البحث مع بعض الأعلام في قبول العدلة في عورات النساء، وفي اختلاف العلماء في ذلك، وفي الراجح من المرجوح من الأقوال في المسألة بحسب ما يقتضيه الدليل.

فأقول: الكلام على هذه المسألة، وما يتعلق بها ينحصر في وجوه ثلاثة:

الأول: في نقل الأقوال في المسألة وهي أربعة:

الأول: قول العترة (١)، وأبي حنيفة (٢) وأصحابه أنها تقبل العدلة فيما يتعلق بعورات النساء.


(١) " البحر الزخار " (٣/ ٣٧٠) (٥/ ٢١).
(٢) في " البناية في شرح الهداية " (٨/ ١٣٠ - ١٣١).
أبو حنيفة وأصحابه يقبلون شهادة النساء منفردات فيما لا يطلع عليه الرجال، كالولادة والبكارة وعيوب النساء. ويقبلون فيه شهادة امرأة واحدة.
قالوا: ولأنه لا بد من ثبوت هذه الأحكام، ولا يمكن للرجال الاطلاع عليها وإنما يطلع عليها النساء على الانفراد، فوجب قبول شهادتهن على الانفراد.
قالوا: وتقبل فيه شهادة الواحدة؛ لأن ما قبل فيه قول النساء على الانفراد لم يشترط فيه العدد، كالرواية.
قالوا: وأما استهلال الصبي. فتقبل شهادة المرأة فيه بالنسبة إلى الصلاة على الطفل ولا تقبل بالنسبة إلى الميراث، وثبوت النسب عند أبي حنيفة وعند صاحبيه يقبل أيضًا؛ لأن الاستهلال صوت يكون عقيب الولادة، وتلك حالة لا يحضرها الرجال، فدعت الضرورة إلى قبول شهادتهن، وأبو حنيفة يقضي بأحكام الشهادة. وأثبت الصلاة عليه بشهادة المرأة احتياطًا، ولم يثبت الميراث والنسب بشهادتها احتياطًا.
قالوا: أما الرضاع، فلا تقبل فيه شهادة النساء منفردات؛ لأن الحرمة متى ثبتت ترتب عليها زوال ملك النكاح، وإبطال الملك لا يثبت إلا بشهادة الرجال.
انظر: " جامع الفقه " (٧/ ٢٨٩).
انظر: " أعلام الموقعين " (٤/ ٢٥٢، ٢٥٣)، " المغني " (١٤/ ١٣٦).