للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول الثاني: لأصحاب الشافعي (١) أنه لا تقبل في عورات النساء إلا أربع عدلات، وهذا هو المعروف المقدر المعتمد عند الشافعية الآن. قال في المنهاج (٢) ما لفظه: وما يختص بمعرفته النساء، أو لا يراه رجال غالبًا كبكارة، وولادة، وحيض، ورضاع، وعيوب تحت الثياب بما سبق، وبأربع نسوة، انتهى.

وهو يشير بقوله: بما سبق، إلى ما قدمه قبل هذا من الأمور التي اعتبر فيها شهادة رجلين، أو رجل وامرأتين. قال شارحه المحلي في تفسير قوله: وعيوب تحت الثياب، ما لفظه: كبرص، ورتق، وقرن، وقال أيضًا: واحترز بقوله: تحت الثياب، عما قاله البغوي (٣) العيب في وجه المرأة وكفيها لا يثبت إلا برجلين، وفي وجه الأمة وما يبدو عند المهنة تثبت برجل وامرأتين انتهى.

القول [١أ] الثالث: قول البتي (٤) أنه لا يقبل في عورات النساء إلا ثلاث عدلات.

القول الرابع: قول مالك والأوزاعي (٥) أنه لا يقبل في ذلك إلا عدلتان.


(١) قال الشافعي في " الأم " (١٣/ ٣٦٠): " ... ولا يجوز منهن أقل من أربع إذا انفردن قياسًا على حكم الله تبارك وتعالى فيهن؛ لأنه جعل اثنتين تقومان مع رجل مقام رجل وجعل الشهادة شاهدين أو شاهدًا وامرأتين، فإن انفردن فمقام شاهدين أربع ".
(٢) (٨/ ٣١٢ - نهاية المحتاج).
(٣) انظر " شرح السنة " (٩/ ٨٧ - ٨٨).
(٤) عزاه إليه ابن قدامة في " المغني " (١٤/ ١٣٦): قال عثمان البتي: يكفي ثلاث؛ لأن كل موضع قبل فيه النساء، كان العدد ثلاثة، كما لو كان معهن رجل.
(٥) ذكره ابن قدامة في " المغني " (١٤/ ١٣٥): وعن أحمد رواية أخرى لا تقبل فيه إلا امرأتان، وهو قول الحكم وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وإليه ذهب مالك والثوري؛ لأن كل جنس يثبت به الحق كفى فيه اثنان، كالرجال؛ ولأن الرجال أكمل منهن عقلاً ولا يقبل منهم إلا اثنان.
قال أبو عبيد: فأما الذين قالوا تقبل شهادة الواحدة في الرضاعة، فإنهم أحلوا الرضاع محل سائر أمور النساء التي لا يطلع عليها الرجال، كالولادة والاستهلال ونحوهما، وأما الذين أخذوا بشهادة الرجلين أو الرجل والمرأتين: فإنهم رأوا أن الرضاعة ليست كالفروج التي لا حظ للرجال في مشاهدتها وجعلوها من ظواهر أمور النساء، كالشهادة على الوجوه، والذين أجازوها بالمرأتين: ذهبوا - وإن لم يكن النظر في التحريم كالعورات، فإنها لا تكون بظهور الثدي والنحور، وهذه من محاسن النساء التي قد جعل الله فرضها الستر على الرجال الأجانب. ثم قال: والذي عندنا اتباع السنة فيما يجب على الزوج عند ورود ذلك، فإذا شهد به عنده المرأة الواحدة بأنها قد أرضعته وزوجته، فقد لزمته الحجة من الله في اجتنابها، ويوجب عليه مفارقتها لقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للمستفتي في ذلك دعها عنك وليس لأحد أن يفتي غيره.
" جامع الفقه " (٧/ ٢٨٩)، " أعلام الموقعين " (٤/ ٢٥٢).