للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العترة، وأبي حنيفة وأصحابه، أنه يعتبر فيه رجلان، أو رجل وامرأتان كما في الحقوق والأموال. قال: وحكى الإمام يحيى في هذا الموضع عن العترة، وأبي حنيفة وأصحابه أنه يكفي في الرضاع عدلة. انتهى.

الوجه الثاني: في الأدلة استدل صاحب البحر (١) لقول من قال: إنها تكفي عدلة في عورات النساء بقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " كيف وقد شهدت السوداء بأنها أرضعتكما! " ثم قال: قلت: لعله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فهم حصول الظن بخبرها؛ إذ شهادة الواحدة لا تكفي في الرضاع، انتهى [١ب].

وأقول: الحديث الذي أشار إليه هو حديث عقبة بن الحارث عند البخاري (٢)، والترمذي (٣)، والنسائي (٤) أنه تزوج بنتًا لأبي إهاب، فأتته امرأة فقالت: إني قد أرضعت عقبة والتي تزوج بها، فقال لها عقبة: ما أعلم أنك أرضعتيني، فركب إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فذكر له الخبر فقال له النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " كيف وقد قيل! " ففارقها عقبة ونكحت زوجًا غيره. وفي رواية (٥) أنه قال له: " دعها ". وفي أخرى (٦) أنه نهاه عنها، ولكنه لا يخفى أنه لا يتم الاستدلال بهذا الدليل إلا بعد تسليم دلالته على ما ورد فيه، وهو الرضاع، وهو لا يدل على ذلك إلا إذا قامت به الحجة في الرضاع، فيلحق به غيره من عورات النساء بجامع أن ثدي المرأة


(١) (٥/ ٢١).
(٢) في صحيحه رقم (٥١٠٤).
(٣) في " السنن " رقم (١١٥١).
(٤) في " السنن " (٦/ ١٠٩).
قلت: وأخرجه أحمد (٤/ ٧) والدارمي (٢/ ١٥٧ - ١٥٨) وأبو داود رقم (٣٦٠٣) والبيهقي (٧/ ٤٦٣). والطيالسي في مسنده (ص١٩٠ رقم ١٣٣٧) وهو حديث صحيح.
(٥) عند البخاري في صحيحه رقم (٢٦٦٠).
(٦) عند البخاري في صحيحه رقم (٢٦٥٩).