للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عورة، وقد قبلت في رضاع الصبي منه عدلة، وأما من لم يجعله صالحًا للاستدلال به على الرضاع، ولم يكتف بقول العدلة فيه كما قاله صاحب البحر (١)، فكيف يصح الاستدلال به على قبول العدلة في العورات مع منع دلالته على ما ورد فيه وهو الرضاع! وكيف يسوغ الاستدلال بدليل في غير ما ورد فيه، مع منع دلالته فيما ورد فيه! فإن الدليل إذا لم يقو على ما هو نص فيه، أو على ما هو سبب له لا يقوى على ما هو خارج عنه، وإن ألحق به [٢أ] بطريق من طرق القياس، ونوع من أنواعه؛ لأنه إذا قال المستدل به: يقبل قول العدلة في الحيض والولادة مثلاً قياسًا على الرضاع، فإنها قد قبلت فيه للحديث المتقدم. قال خصمه: أنت لا تقول بدلالة هذا الدليل على الأصل الذي هو الرضاع بل يعتبر فيه البينة الكاملة، فكيف تقول بأنه يدل على الفرع! وأما من قال بدلالته على قبول العدلة في الرضاع، وأقاس سائر العورات على الثدي، فلا يرد عليه ما ذكرناه.

وقد استدلت الشافعية على اعتبار أربع عدلات بما ذكره المحلي في شرح المنهاج (٢)، قال: روى ابن أبي شيبة (٣) عن الزهري قال: مضت السنة أنه تجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن من ولادة النساء وعيوبهن، قال: وقيس على ما ذكر باقي المذكورات، انتهى.

وأقول: هذا الحديث أخرجه ابن أبي شيبة (٤) في مسنده، كما ذكره المحلي، قال ابن أبي شيبة: حدثنا عيسى بن يونس الأوزاعي، عن الزهري: مضت السنة بأنها تجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن، وأخرجه عبد الرازق (٥) عن ابن جريج، عن ابن شهاب، قال: مضت السنة أنه تجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن من ولادة


(١) (٣/ ٣٧٠).
(٢) انظر " نهاية المحتاج " (٨/ ٣١٢).
(٣) في مصنفه (٦/ ١٨٥ رقم ٧٤٩).
(٤) في مصنفه (٨/ ٣٣٣).
(٥) في مصنفه (٨/ ٣٣٣).