للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النساء وعيوبهن. ولا يخفى عليك أن استدلال الشافعية بهذا الحديث إنما يتم بعد تسليم أن لفظ النساء لا يطلق إلا على الأربع، وهو ممنوع، بل لم يقل قائل من أهل اللغة [٢ب]، وأهل علم العربية بذلك، والذي في كتب اللغة والعربية أن النساء جمع المرأة من غير لفظه، قال في القاموس (١) ما لفظه: النسوة بالكسر والضم، والنساء والنسوان والنسوان بكسرهن جموع المرأة من غير لفظها. انتهى.

وقد عرفت أن الثلاثة هي أقل (٢) الجمع عند الجمهور، وعند جماعة من أهل اللغة كالزمخشري (٣)، وجماعة من الفقهاء (٤) أن أقل الجمع اثنان، فعلى فرض أن المراد بالنساء هنا الجمع لا الجنس لا يكون الحديث دليلاً على ما ذهبت إليه الشافعية، بل يكون دليلاً على ما قاله البتي أنه لا يقبل في عورات النساء إلا ثلاث عدلات. والظاهر أن المراد به هنا الجنس لوجهين:

أحدهما: أنه قد تقرر في علم البيان والأصول أن الألف واللام إذا دخلت على الجموع هدمت الجمعية (٥) وصيرتها للجنس، ولفظ النساء هاهنا كذلك؛ فإنه جمع للمرأة من غير لفظه، وقد دخلت عليه الألف واللام، فانهدم الجمع وصار مفيدًا للجنس الصادق على الواحدة وما فوقها (٦).


(١) (ص١٧٢٥).
(٢) انظر " إرشاد الفحول " (ص٤٢٧) و" تيسير التحرير " (١/ ٢٠٧).
(٣) انظر " التبصرة " (ص١٢٧)، " القواعد والفوائد الأصولية " (ص٢٣٨).
(٤) قال ابن حزم في " الإحكام " (١/ ٣٩١): هو قول جمهور أهل الظاهر وحكاه ابن الدهان النحوي عن محمد بن داود وأبي يوسف والخليل ونفطويه واختاره الغزالي في " المستصفى " (٣/ ٣١٢) و" المنخول " (ص١٤٨).
(٥) انظر " إرشاد الفحول " (ص٤١٢)، " البحر المحيط " (٣/ ٩٣).
(٦) قال ابن قدامة في " المغني " (١٤/ ١٣٤ - ١٣٥) مسألة: قال: ويقبل فيما لا يطلع عليه الرجال، مثل الرضاع، والولادة، والحيض، والعدة، وما أشبهها، شهادة امرأة عدل.
ثم قال: لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في قبول شهادة النساء المنفردات في الجملة، قال القاضي: والذي تقبل فيه شهادتهن منفردات خمسة أشياء، الولادة، والاستهلال، والرضاع، والعيوب تحت الثياب كالرتق والقرن والبكارة والثيابة والبرص. وانقضاء العدة.
وانظر: " البناية في شرح الهداية " (٨/ ١٣٠ - ١٣٢) و" جامع الفقه " (٧/ ٢٨٥) حيث قال أبو عبيد: الأقوال ثلاثة: أرجحها أنها تجوز شهادة النساء متفرقات فيما لا يطلع عليه الرجال غالبًا.