للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا عرفت هذا فاعلم [٢ب] أن هذه الكتابة التي وردت في الكتاب والسنة، وأجمع عليها المسلمون هي الكتابة الصحيحة التي لا يدخلها احتمال بتغيير، ولا تبديل، ولا زيادة، ولا نقصان، كما هو معلوم أن ما كان عرضة لذلك لا ينتفع به ولا يرتفع عند النزاع، ولا ينقطع به الخلاف.

وقد أجمع العلماء أجمع على أن ما احتمل ذلك لا يحتج به على خصم، ولا يستند إليه حكم، ولو كان من كتب الله المنزلة على أنبيائه إذا احتمل التغيير، أو التبديل، أو الزيادة، أو النقص لم يجر العمل به. وإذا دخل الاحتمال في النقض لم يجر العمل بالباقي، لأن التجويز كائن وقد كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -- يكتب كتبه، ويختمها بخاتمه مع رسوله المعروف، فيعلم ذلك القريب والبعيد، ولا يشكون فيه، وكانوا عربًا لم يكن عندهم هذه المراوغات الحادثة بعد اختلاط طوائف العالم، والتحيلات بكل ممكن، والحرص على تنفيق ما يوافق الغرض وإن كان باطلاً، ثم كذلك ما كان يجري في أيام الصحابة من الكتابات هو على وجه لا يتطرق إليه احتمال، ولا تغيير، ولا تبديل، بل ما اشتملت عليه الكتابة هو معروف بينهم لا ينكرونه، وهكذا الكتب العلمية التي يأخذها الناس بالوجادة، فإنه لا بد أن يكون كاتبها ومن قرئت عليه، ومن قرأها معروفين لا يتطرق إلى خطوطهم ظن التزوير والتغيير.

ثم هكذا ما أجمع عليه الصحابة ومن بعدهم، فإنه الخط الصحيح المعروف الذي لا يحتمل تبديلاً ولا تغييرًا. وأما ما كان كذلك، فلو قيل بقبوله لأكل الناس أموال بعضهم البعض بهذه الوسيلة المكذوبة، والذريعة الباطلة. ومن القسم المعمول به خطوط العلماء المعروفين، والحكام المشهورين إذا كانت تلك الخطوط معروفة، ولا شك ولا ريب أن خطوط أكابر العلماء والحكام يعرفها من جاء بعدهم، ولو بعد مئين من السنين، فما كان سبيله هذا السبيل فهو من المعمول به لقيامه مقام الرواية، والمراد أنه يسوغ للمطلع عليه أن يقول هذا خط فلان.

ويلزم بما يشتمل عليه من حكاية المعاملات والمداينات، إلا أن يعارضه ما هو أقوى