للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النوع الثاني: ما ليس في فيه طلب من المكلفين، ولا نهي فلا دليل على أنه يجب أن يظهر فيه المراد لجميع المكلفين، فإنه قد تكون لله حكمة في ظهوره للبعض دون [١] البعض، وهذا جائز عقلا ونقلا [و] (١) وفاقا، فإنه معلوم بالضرورة أن جميع المكلفين لا يعلمون التأويل. وإنما اختلف في الراسخين، ومتى جاز ذلك جاز أن يكون العارف بذلك هو رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومن شاء الله أن يطلعه عليه من الملائكة، ومن أحب أن يطلعه رسوله عليه من المسلمين، لأنه إنما يجب عليه إشاعة الأحكام الشرعية دون الأسرار الربانية. وقد صح أن الله خص الخضر بما لا يعلمه موسى، فكيف لا يصح أن يخص رسوله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بما لا نعرفه. وهذه الأدلة باعتبار مجموع المتشابه من الكتاب والسنة ويختص المنع من الكلام في متشابه الكتاب بقول الله تعالى:} وما يعلم تأويله إلا الله {(٢)} والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا {(٣) وقد أجمع القراء على الوقف هنا. وكاد أن يجمع على أن المتشابه لا يعلمه إلا الله السلف الصالح، والقول بعطف الراسخين على الله محتمل، فلا يجوز التمسك به. وقد قطع جماعة من المحققين بأن العطف فاسد لفظا ومعنى. بل المراد أن الراسخين ليس لهم إلا أن يقولوا آمنا به وقد أخرج جماعة من أئمة الحديث عن ابن عباس أن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:" من قال [١ب] في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار (٤) وحسنه [الترمذي (٥)] (٦) وأخرجوا أيضًا عن جندب أن رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: " من قال في القران برأيه فأصاب فقد أخطأ " (٧).


(١) زيادة من [أ].
(٢) [آل عمران: ٧].
(٣) زيادة من [ب].
(٤) أخرجه الترمذي في " السنن " رقم (٢٩٥٠) من حديث ابن عباس.
(٥) في " السنن " (٥/ ١٩٩) وقال: هذا حديث حسن صحيح. بل هو حديث ضعيف.
(٦) زيادة من [أ].
(٧) أخرجه الترمذي في " السنن " رقم (٢٩٥١) وقال: حسن صحيح. بل هو حديث ضعيف.