للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقبلوا من الحفاظ المتقنين الذين يقع منهم التدليس نادرًا إلا ما لم يدلسوا فيه وإن كان معنعنًا. وللبحث عن هذا موضع آخر ليس هذا موضعه [٢ب].

الوجه الرابع: في بيان معاني متون هذه الأحاديث:

أما حديث أسيد بن حضير ففيه الفرق بين وجود العين المسروقة في يد المتهم بسرقتها وبين وجودها في يد غير المتهم. وفيه بيان أحد الطرفين، وهو إذا وجدها في يد غير المتهم بأنه إن شاء أخذها بما اشتراها به، وإن شاء تبع السارق.

وأما الطرف الآخر وهو وجودها في يد المتهم لسرقتها مسكوت عنه، وقد يكون حكمه مستفادًا من حكم المقابلة باعتبار مفهوم الشرط، فإن قوله: قضى أنه إذا وجدها في يد الرجل غير المتهم بكذا يدل على أن الحكم إذا وجدها في يد المتهم هو غير الحكم الثابت عند وجودها في يد غيره، فلا تعارض الرواية المذكورة في حديث سمرة بلفظ: " إذا سرق الرجل متاع، أو ضاع منه، فوجده بيد رجل بعينه فهو أحق به، ويرجع المشتري على البائع بالثمن ". ووجه عدم المعارضة أن لفظ رجل هاهنا مطلق، والرواية الأولى تقيده لأن فيها التفصيل بين المتهم وغيره، وذكر حكم الموجود من السرقة في يد أحدهما منطوقًا (١)، وحكم الموجود في يد الآخر مفهومًا (٢)، فيحمل هذا المطلق على ذلك المقيد، ويكون هذا الرجل هو المتهم، فاندفع التعارض بينهما من هذه الحيثية، وكذلك لا تعارض بين حديث أسيد [٣أ] بن حضير، وبين الرواية الأولى من حديث سمرة بلفظ: من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به، ويتبع البيع من باعه، وبيان عدم التعارض أن عين ماله اسم جنس مضاف (٣)، وهو من صيغ العموم، فهو يشمل العين


(١) تقدم توضيح معناه.
(٢) تقدم توضيح معناه.
(٣) قال الشوكاني في " إرشاد الفحول " (ص٤١٦): تعريف الإضافة وهو من مقتضيات العموم كالألف واللام من غير فرق بين كون المضاف جمعًا نحو عبيد زيد أو اسم جمع نحو جاءني ركب المدينة أو اسم جنس نحو: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}.
انظر: " تيسير التحرير " (١/ ٢١٩).