للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسروقة وغيرها، فيكون حديث أسيد بن حضير المصرح بحكم العين المسروقة مخصصًا له، لا سيما بعد تقييد العين المسروقة بأن يوجد في يد غير المتهم، فعلى هذا قد أمكن الجمع بين الحديثين، وهو مقدم على الترجيح فلا يصار إليه.

وأما حديث أسيد بن ظهير الذي يشهد لحديث أسيد بن حضير، فهو وإن خالف حديث أسيد بن حضير في بعض ألفاظه، فهو موافق لمعناه، فيكون الجمع بينه وبين حديث سمرة كالجمع بين حديث أسيد بن حضير، وبين حديث سمرة.

فإن قلت: حديث الحسن عن سمرة من قسم الضعيف لعدم سماعه منه، فلم يثبت حكم العام بدليل صحيح أو حسن.

قلت: الحكم المستفاد من حديث سمرة هو معلوم من كليات الشريعة المطهرة وجزئياتها، أما كلياتها فكل دليل يدل على أن المالك لا يزول ملكه عنه إلا باختياره، ورضائه، وطيبة نفسه، فهو يدل على ما دل عليه حديث سمرة؛ لأن غاية ما في حديث سمرة أن الرجل وجد ماله الباقي في ملكه الذي [٣ب] لم يخرج عن يده برضائه كما قال الله تعالى: {تجارة عن تراض} (١) ولا بطيبة نفسه كما قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه " (٢)، وما خرج بغير ذلك فهو داخل تحت قوله تعالى: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} (٣)، وتحت قول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام " (٤) ونحو ذلك من الأدلة المتبالغة في الكثرة.

وأما كون هذا الحكم معلومًا من جزئيات الشريعة فهي كثيرة جدًا، ومن أقربها إلى


(١) [النساء: ٢٩].
(٢) وهو حديث صحيح تقدم مرارًا.
(٣) [النساء: ٢٩].
(٤) وهو حديث صحيح تقدم.