للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلق على المقيد [١أ]، فلا يعتق إذًا إلا رقبة مؤمنة.

الثاني: إن حمل المطلق على المقيد فيه جمع بين الدليلين، بمعنى أنهما يصيران كالدليل الواحد، ولهذا قالوا إن من عمل بالمقيد فقد عمل بالمطلق، لكونه في ضمنه، وخرج عن العهدة، بخلاف من عمل بالمطلق، فإنه قد أهدر القيد.

وهذا الذي قرره المجيب -دامت إفادته - ليس فيه إلا أن المقيد بقي على حالته، والمطلق حمل على ضد المقيد، وذلك أنه قال - دامت إفادته -: ووجه عدم المعارضة أن لفظ رجل هاهنا مطلق، يعني في رواية سمرة، والرواية الأولى تقيده؛ لأن فيها التفصيل بين المتهم وغيره، وذكر حكم الوجود من السرقة في يد أحدهما وحكم الموجود في يد الآخر مفهومًا، فيحمل هذا المطلق على ذلك المقيد، ويكون هذا الرجل هو المتهم، فاندفع التعارض بينهما من هذه الحيثية.

انتهى ما قاله - دامت إفادته - فأنت ترى كيف حمل المطلق على ضد المقيد، فإن المقيد هو الرجل غير المتهم لا المتهم، وهذا شيء غير حمل المطلق على المقيد.

وخلاصته أن حديث أسيد المقيد بكون الرجل غير متهم قد قيد إطلاق رجل الذي في حديث سمرة الصالح للمتهم وغير المتهم، فيعمل بحديث أسيد في غير المتهم، وبحديث سمرة فيما بقي، وهذا أشبه شيء بتخصيص العام. (١)

الثالث: أن قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -- في حديث سمرة: " إذا سرق من الرجل متاع، أو ضاع منه، فوجده بيد رجل فهو أحق به، ويرجع المشتري على البائع بالثمن " (٢). وهكذا الرواية الأولى لا يستقيم إلا في الرجل غير المتهم، لأن من كان هو المتهم بالسرقة لا يقال فيه: إنه يرجع المشتري بالثمن، وهذا يفيد أنه وإن كان رجل في حديث سمرة مطلقًا، أي غير موصوف لفظًا، فإنه مقيد معنى، فإن حكم النبي


(١) انظر " إرشاد الفحول " (ص ٥٤٤ - ٥٤٦).
(٢) تقدم تخريجه.