للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صورة صورها الرحمن فيكون معناه صحيحا.

وأما ضحكه (١) -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من قول اليهودي فقد تكلم منه شراح الحديث كلاما طويلا، من جملة ذلك أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما ضحك (٢) لمقالته السخيفة، لأنه ما قدر الله حق قدره كما ثبت في حديث آخر: أن النبي (٣) -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سمع يهوديا يقول: إن الله خلق كذا في يوم كذا، وكذا في يوم كذا، ثم استراح في يوم كذا فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:


(١) تقدم تخريجه في السؤال (ص ٤٣٩).
(٢) دلالة الحديث أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أقر اليهودي على ذكر الأصابع وصدقه فانتفى أن يكون تشبيها، كما جاء ذكر الأصابع على لسان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث عبد الله بن عمرو- "أنه سمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد يصرفه حيث يشاء" ثم قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك".
- أخرجه مسلم في صحيحه (١٧/ ٢٦٥٤) - فيكون وصف الله تعالى بالأصابع قد ثبت بالسنة التقريرية والقولية.
أما "ضحك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ": قال الحافظ في "الفتح" (١٣/ ٣٩٩): زعم الخطابي والقرطبي أن ضحكه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إنكارا أو تعحبا من جهل اليهودي وأن راوي الحديث زاد فيه "تصديقا له" ظنا منه أن الأمر كذلك وليس كذلك.
وهذا الزعم قد رد عليه الحافظ: أن ذلك الزعم فيه طعنا على ثقات الرواة، وردا للأخبار الثابتة وقال: ولو كان الأمر على خلاف ما فهمه الراوي بالظن، للزم منه تقرير النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الباطل وسكوته عن الإنكار وحاشا لله من ذلك.
ثم ذكر الحافظ كلام ابن خزيمة -في التوحيد (١/ ١٧٨): قال: وقد اشتد إنكار ابن خزيمة على من ادعى أن الضحك المذكور كان سبيل الإنكار، فقال: "قد أجل الله تعالى نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أن يوصف ربه بحضرته بما ليس هو من صفاته فيجعل بدل الإنكار والغضب على الواصف ضحكا، بل لا يوصف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كذا الوصف من يؤمن بنبوته ".
(٣) فلينظر من أخرجه؟!