للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقاذف المرأة، وتناوله لقاذف الرجل لوجوه:

الأول: إما للإجماع (١) الظني فيه عملا، وذلك أنا قد عشنا وتتبعنا مظان الخلاف فيه، ومواضع مواقع ذلك ووقائعه فلم نجد من أنكر ذلك، ولا عثرنا على مخالف مصرح بخلافه غير الجلال - رحمه الله - ومثل هذا، وإن لم يكن إجماعا (٢) قطعيا فهو عندي مما تقوم به الحجة، ولا تقصر على سائر الأدلة الظنية، وذلك لما صح من التوعد شرعا على مخالف السواد الأعظم، وعلى مفارق الجماعة قيد شبر (٣)، ومن وعيد: " من شذ شذ إلى النار " (٤) ونحو ذلك.


(١) انظر تيسير التحرير (٣/ ٢٢٧).
(٢) قال صاحب " الكوكب المنير ": إن الإجماع (حجة قاطعة بالشرع) أي بدليل الشرع كونه حجة قاطعة. قال ابن بدران، حاشية - ومعنى كونه قاطعا أنه يقدم على باقي الأدلة، وليس القاطع هنا بمعنى الجازم الذي لا يحتمل النقيض ... وإلا لما اختلف في تكفير منكر حكمه.
وهذا مذهب الأئمة الأعلام منهم الأربعة وأتباعهم وغيرهم من المتكلمين.
" الكوكب المنير " (٢/ ٢١٨)، " تيسير التحرير " (٣/ ٢٢٧) و" المستصفى " (٢/ ٢٩٣).
(٣) يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٧١٤٣) ومسلم رقم (٥٥/ ١٨٤٩) من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتة جاهلية ".
وأخرج مسلم في صحيحه رقم (٥٣/ ١٨٤٨) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة فميتة جاهلية ".
(٤) أخرجه الترمذي في السنن رقم (٢١٦٧) من حديث ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله لا يجمع أمتي أو قال أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ضلالة، ويد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ إلى النار ". قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه.
وهو حديث صحيح دون قوله " شذ ".
وله شاهد عند الترمذي رقم (٢١٦٦) والحاكم (١/ ١١٦) بسند صحيح من حديث ابن عباس: " لا يجمع الله أمتي على الضلالة أبدا ويد الله مع الجماعة ". وهو حديث صحيح.