للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما صح عن جلة من السلف من كراهتهم للخلاف للجم الغفير، وذمهم له، وحرصهم ملاحظة اتباع الجماعة على كل حال ونحو هذا من المآخذ السمعية الدالة على كون ذلك حجة ظنية، ومن النظر أيضًا غلبة الظن، فإن الغالب عدم خلو الحق عن مطلق الجماعة، وأن تواطؤهم على أمر، وتوافقهم عليه لا يكون إلى لمستند صحيح، فمثل هذا الإجماع لا يقصر عن ظواهر الأدلة التي لا يعتمد فيها على كثير من الظن للحق، وبمثل هذا الإجماع يحصل به ظن أن ما قالوه حق، وتجويز المخالف فيه لا يخدش في هذا الظن بعد ما سنذكره من شدة البحث عنه في مظانه (١) نعم وأما اشتراط قطعية الإجماع في صحة الاستدلال به فلم ينتهض عندي وجهه، وانقسام الإجماع إلى قسمين (٢) معروف.


(١) انظر " حجية الإجماع وموقف العلماء منها ". الدكتور: محمد محمود فرغلي (ص ١٣٠ - ١٦٢)، " إرشاد الفحول " (ص ٣١١).
(٢) الأول: إجماع قولي وهو سماع كل مجتهد من أهل الإجماع. أو فعلي وهو أن يشاهد أهل الإجماع يفعلون فعلا، أو يتركونه ويعرف بقرائن المقام مرادهم.
الثاني: الإجماع السكوتي: وهو أن ينقل عن أهل الإجماع قول أو فعل، مع نقل رضاء الساكتين حتى أنهم لو أفتوا لما أفتوا إلا به، ولو حكموا لم يحكموا إلا به.
ويعرف رضاؤهم: بعدم الإنكار مع الاشتهار، وعدم ظهور حامل لهم على السكوت وكونه من المسائل الاجتهادية.
ولا سيما وأن الظن بالمجتهدين أنهم لا يحجمون عن إبداء رأيهم إظهارا للحق، وإن لقوا من جراء ذلك العنت والضيق.
انظر: " حجية الإجماع " (ص ١٧٣)، " المسودة " (ص٣٣٤ - ٣٣٥)، " البحر المحيط " (٤/ ٤٩٤).