للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمنع، وكل ما كان سندا للمنع (١) لا يفيد الكلام عليه، فينتج كلام الجلال لا يفيد الكلام عليه، وكبرى هذا الشكل مقررة في علم المناظرة، وصغراه ضرورية بعد العلم بأن المدعي يدعي أنه صب على قاذف الرجل حدا شرعيا، فلما كان الأصل البراءة احتج على أنه ثابت شرعا بالإجماع، وأن الاحتجاج به يرجع إلى مقدمتين، هكذا.

هذا مجمع عليه، وكل مجمع عليه ثابت شرعا، وأن تفصيل كلام الجلال في دفع الحجية هكذا كقولكم (٢): هذا مجمع عليه ممنوع، وأسند منع هذا المقدمة بأن طريقها النقل [١أ] ولا يصح.

وبعد معرفة هذا يعرف أن قول شيخنا - بورك في علمه وعمره -: هم إذا كان الخصم قد نقل الإجماع فالمقام مقام أن يطلب منه صحة النقل لا مقام أن يقال له: هذا النقل لا يصح، فإن هذه مقابلة دعوى بدعوى انتهى. ليس في محله، لأن مثبت الحد على قاذف الرجل يدعي دعوى هي ثبوت الحد عليه شرعا. واستدل لها بدليل ذي مقدمتين، وقد علم في المناظرة أنه يتوجه على المدعي المستدل منع إحدى مقدمتي دليله، فليس من أثبت حكم القذف المذكور ينقل شيئا عن أحد بل يثبت حكما يستدل عليه.


(١) المنع: أي الممانعة وهي أرفع سؤال على العلل. وقيل: إنها أساس المناظرة، وهو يتوجه على الأصل من وجهين:
أ - منع كون الأصل معللا لأن الأحكام تنقسم بالاتفاق إلى ما يعلل وإلى ما لا يعلل فمن ادعى تعليل شيء كلف ببيانه.
ب - منع الحكم في الأصل.
واختلفوا: هل هذا الاعتراض - المنع - يقتضي انقطاع المستدل أم لا؟.
فقيل: إنه يقتضي انقطاعه، وقيل: إنه لا يقتضي ذلك وجزم به إمام الحرمين في " البرهان " (٢/ ٩٧٠).
وقيل: إن كان المنع جليا فهو انقطاع وإن كان خفيا فلا.
انظر " البحر المحيط " (٥/ ٣٢٤)، " المنخول " (٤٠١).
(٢) في هامش المخطوط: لعله قولكم.