للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ملا حنفي في شرح الرسالة العضدية: وإذا عرفت حقيقة المنع فاعلم أنه إن لم يذكر في النقل دليل فظاهر أنه لا يتوجه عليه المنع، فإن ذكر فيه فهو إنما هو على طريقة الحكاية فلا تتعلق به المؤاخذة؛ لأنه محكي منقول عن الغير، والناقل من حيث هو ناقل ليس بملتزم صحته، بل هذا ليس بدليل بالنسبة إليه من تلك الحيثية حتى يمنع منعا جاريا على مقتضى عرفهم، والناقل إن التزم صحة هذا الدليل المنقول، أو أقام دليلا برأسه على ما نقله صار مستدلا حينئذ فيتوجه عليه ما يتوجه عنه انتهى. ولا يخفى في مستند الجلال أن ذاكر دليل الإجماع المحتج به مقيم لهذا الدليل ملتزم صحته.

ثم اعلم أن تصحيح النقل للإجماع هو أن يروى المجمع عليه عن أهل الإجماع بنقل عدل تام الضبط، مع اتصال الإسناد، وفقد العلة القادحة والشذوذ كما قيل في صحيح السنة، إذ يحصل في نقله ما يشرط في حسن السنة وإلا كان الفرق بينهما تحكما، فإنه بعد أن كانت السنة دليلا شرعيا، والإجماع دليلا شرعيا كيف يصح أن يقال في الإجماع: يقبل نقل دليل الإجماع عن أهله مرسلا كان أو منقطعا أو غير ذلك (١)

وأما دليل السنة فيشترط فيه كذا وكذا، وبعد معرفة هذا يتبين لك ما في قول شيخنا


(١) يثبت الإجماع (بخبر الآحاد) وهو كون هذا الحكم مجمعا عليه لأن هذه المسألة شرعية، طريقها طريق بقية مسائل الفروع التي يكفي في ثبوتها الظن، وقال القرافي في " تنقيح الفصول " (٣٣٢): " إنه حجة خلافا لأكثر الناس ".
" المسودة " (ص٣٤٤)، " الكوكب المنير " (٢/ ٢٢٤).
قال الشوكاني في " إرشاد الفحول " (ص ٣٢٥) الإجماع المنقول بطريق الآحاد حجة وبه قال الماوردي وإمام الحرمين والآمدي، ونقل عن الجمهور اشتراط عدد التواتر، قال الرازي في " المحصول " (٤/ ١٥١ - ١٥٢): الإجماع المروي بطريق الآحاد حجة لأكثر الناس لأن ظن وجوب العمل به حاصل فوجب العمل به دفعا للضرر المظنون ولأن الإجماع نوع من الحجة فيجوز التمسك بمظنونه كما يجوز بمعلومه قياسا على السنة ولأنا بينا أن أصل الإجماع فائدة ظنية.
" الإحكام " للآمدي (١/ ٣٤٣)، " تيسير التحرير " (٣/ ٢٦١).